بطرف خفي.
أمّا آخر عقاب ذكر هنا ، فهو سماع اللوم والتوبيخ الأليم من المؤمنين ، كما جاء في آخر الآية : (وَقَالَ الَّذِينَءَامَنُوا إِنَّ الخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيمَةِ).
فهل هناك خسارة أعظم من أن يخسر الإنسان نفسه ، ثم زوجه ، وأبناءه وأقرباءه؟ ونصيبه نار الفراق وهو في داخل العذاب الإلهي؟!
ثم تضيف : يا أهل المحشر : (أَلَا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِى عَذَابٍ مُّقِيمٍ).
ومن الضروري الإشارة إلى هذه الملاحظة ، وهي أنّ (العذاب الخالد) لهؤلاء الظالمين ، يدل على أنّ المقصود هم الكافرون ، والآية التي بعدها تشهد على هذه الحقيقة ، حيث تقول : (وَمَا كَانَ لَهُم مّنْ أَوْلِيَاءَ يَنصُرُونَهُم مّن دُونِ اللهِ).
ولتأكيد هذا المعنى تقول الآية في نهايتها : (وَمَن يُضْلِلِ اللهُ فَمَا لَهُ مِن سَبِيلٍ).
(اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللهِ مَا لَكُمْ مِنْ مَلْجَإٍ يَوْمَئِذٍ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَكِيرٍ (٤٧) فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ وَإِنَّا إِذَا أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ كَفُورٌ (٤٨) لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ (٤٩) أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيماً إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ (٥٠)
بما أنّ الآيات السابقة ذكرت جانباً من العقاب الأليم الموحش للكافرين والظالمين ، فإنّ الآيات أعلاه تحذّر جميع الناس من هذا المصير المشؤوم ، وتدعوهم إلى الإستجابة لدعوة الخالق والعودة إلى طريق الحق. فأوّل آية تقول : (اسْتَجِيبُوا لِرَبّكُم مّن قَبْلِ أَن يَأْتِىَ يَوْمٌ لَّا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللهِ).
وإذا كنتم تتصورون وجود ملجأ آخر سوى لطفه ، وأحداً يحميكم غير رحمته ، فإنّكم على خطأ ، لأنّ : (مَا لَكُم مّن مَّلْجَإٍ يَوْمَئِذٍ وَمَا لَكُم مّن نَّكِيرٍ).
عبارة (يَوْمٌ لَّامَرَدَّ لَهُ مِنَ اللهِ) تشير إلى يوم القيامة ، وليس إلى يوم الموت. كما أنّ