التّفسير
اتّبع الوحي الإلهي فقط : إنّ من أخطر المنعطفات والمنحدرات التي تعترض طريق القادة الكبار قضية اقتراحات الصلح والتنازل والوفاق التي تطرح من قبل المخالفين.
لقد بذل مشركو «مكة» ومنافقو «المدينة» كل ما في وسعهم ليحرّفوا الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآله عن خط التوحيد من خلال طرح مقترحات السلام والإتّفاق ، إلّاأنّ اولى آيات سورة الأحزاب نزلت فأنهت مؤامراتهم ، ودعت النبي صلىاللهعليهوآله إلى الإستمرار في اسلوبه الحاسم في خط التوحيد بدون أدنى تراجع وتنازل ومسالمة.
إنّ هذه الآيات بمجموعها تأمر النبي صلىاللهعليهوآله بأربعة أوامر مهمة :
الأوّل : في مجال التقوى ، والتي تهيّء الأرضية لكل برنامج آخر ، فتقول : (يَا أَيُّهَا النَّبِىُّ اتَّقِ اللهَ).
إنّ حقيقة التقوى هي ذلك الإحساس الداخلي بالمسؤولية ، ولولا هذا الإحساس فإنّ الإنسان لا يندفع ولا يتحرّك باتّجاه أي برنامج بنّاء.
الثاني : نفي ورفض طاعة الكافرين : (وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ).
وتقول الآية في النهاية تأكيداً لهذا الموضوع : (إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا).
فإنّه تعالى حينما يأمرك بعدم إتّباع هؤلاء ، فإنّ ذلك صادر عن حكمته اللامتناهية ، لأنّه يعلم ما اخفي في هذ الإتّباع والمهادنة من المصائب ، الأليمة ، والمفاسد الجمّة.
الثالث : نثر بذور التوحيد واتّباع الوحي الإلهي ، فيقول : (وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِن رَّبّكَ) واحذر ف (إِنَّ اللهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا). وبناءً على هذا ، فإنّ الواجب الأوّل هو طرد الشياطين من أعماق الروح لتحلّ محلّها الملائكة.
ولما كانت هناك مشاكل كثيرة ، وتهديدات ومؤامرات ، ومعوّقات في الاستمرار في سلوك هذا الطريق ، فإنّه تعالى يصدر الأمر الرابع بأن : (وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ وَكَفَى بِاللهِ وَكِيلاً). فلو أنّ الف عدوّ يسعى لقتلك ، فلا تخش ولا تخف منهم لأنّي ناصرك ومعينك.
ومع أنّ المخاطب في هذه الآيات هو النبي صلىاللهعليهوآله ، إلّاأنّه خطاب لكل المؤمنين ، ولعامة المسلمين في كل عصر وزمان.