(مَا جَعَلَ اللهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ (٤) ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً (٥) النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفاً كَانَ ذلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُوراً) (٦)
إدعاءات جوفاء : تعقيباً للآيات السابقة التي كانت تأمر النبي صلىاللهعليهوآله أن يتّبع الوحي الإلهي فقط ، ولا يتّبع الكافرين والمنافقين ، تعكس هذه الآيات التي نحن بصددها عاقبة اتّباع هؤلاء وأنّه يدعو الإنسان إلى مجموعة من الخرافات والأباطيل ، وقد ذكرت الآية الاولى من الآيات مورد البحث ثلاث منها ، فتقول أوّلاً : (مَّا جَعَلَ اللهُ لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِى جَوْفِهِ).
إنّ للجملة معنى عميق ، وهو : أنّه ليس للإنسان إلّاقلب واحد ، ولا يحتوي هذا القلب ولا يختزن إلّاعشق معبود واحد ، وعلى هذا فإنّ اولئك الذين يدعون إلى الشرك والآلهة المتعدّدة ينبغي أن تكون لهم قلوب متعدّدة ، ليجعلوا كل واحد منها بيتاً لعشق معبود واحد.
في تفسير علي بن إبراهيم عن الإمام الباقر عليهالسلام في قوله (مَّا جَعَلَ اللهُ لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِى جَوْفِهِ) قال علي بن أبي طالب عليهالسلام : «لا يجتمع حبّنا وحبّ عدوّنا في جوف إنسان ، إنّ الله لم يجعل لرجل من قلبين في جوفه ، فيحبّ بهذا ويبغض هذا ، فأمّا محبّنا فيخلص الحبّ لنا كما يخلص الذهب بالنار لا كدر فيه ، فمن أراد أن يعلم فليمتحن قلبه ، فإن شاركه في حبّنا حبّ عدوّنا فليس منّا ولسنا منه والله عدوّهم وجبرئيل وميكائيل والله عدوّ للكافرين».
وبناءً على هذا ، فإنّ القلب مركز الإعتقاد الواحد ، وينفّذ برنامجاً عملياً واحداً ، لأنّ الإنسان لا يستطيع أن يعتقد بشيء حقيقة وينفصل عنه في العمل.