أصابت البدن تورّم ؛ و «الأثيم» : من مادة «إثم» ، وهو المقيم على الذنب ، والمراد هنا الكفار المعاندون المعتدون ، المصرون على الذنوب والمعاصي المكثرون منها.
ثم تضيف الآية : (كَالْمُهْلِ يَغْلِى فِى الْبُطُونِ كَغَلْىِ الْحَمِيمِ).
«المهل» : الفلز المذاب ؛ و «الحميم» : هو الماء الحار المغلي.
فعندما يدخل الزّقوم بطون هؤلاء ، فإنّه يولد حرارة عالية لا تطاق ، ويغلي كما يغلي الماء ، وبدل أن يمنحهم هذا الغذاء القوة والطاقة فإنّه يهبهم الشقاء والعذاب والألم والمشقة.
ثم يخاطب سبحانه خزنة النار ، فيقول : (خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاءِ الْجَحِيمِ).
«فاعتلوه» : من مادة «العَتْل» ، وهي الأخذ والسحب والإلقاء ؛ و «سواء» : بمعنى الوسط ، لأنّ المسافة إلى جميع الأطراف متساوية ، وأخذ أمثال هؤلاء الأشخاص وإلقاؤهم في وسط جهنم باعتبار أنّ الحرارة أقوى ما تكون في الوسط ، والنار تحيط بهم من كل جانب.
ثم تشير الآية التالية إلى نوع آخر من أنواع العقاب الأليم الذي يناله هؤلاء ، فتقول : (ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ). وبهذا فإنّهم يحترقون من الداخل ، وتحيط النار بكل وجودهم من الخارج ، وإضافة إلى ذلك يصب على رؤوسهم الماء المغلي في وسط الجحيم.
وبعد كل أنواع العذاب الجسمي هذه ، تبدأ العقوبات الروحية والنفسية ، فيقال لهذا المجرم المتمرد العاصي الكافر : (ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ).
أنت الذي ركبك الغرور فلم تدع ذنباً لم ترتكبه ، ولا موبقة لم تأتها ، فذق الآن نتيجة أعمالك التي تجسدت أمامك ، وكما أحرقت أجسام الناس وآلمت أرواحهم ، فليحترق الآن داخلك وخارجك بنار غضب الله والماء المغلي الذي يصهر ما في بطونهم والجلود.
ويضيف القرآن الكريم في آخر آية ـ من الآيات مورد البحث ـ مخاطباً إيّاهم : (إِنَّ هذَا مَا كُنتُم بِهِ تَمْتَرُونَ).
(إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ (٥١) فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (٥٢) يَلْبَسُونَ مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَقَابِلِينَ (٥٣) كَذلِكَ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ (٥٤) يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ (٥٥) لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ (٥٦) فَضْلاً مِنْ رَبِّكَ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (٥٧)