يوم الفصل : تمثل هذه الآيات نتيجة الآيات السابقة التي بحثت مسألة المعاد ، والتي استدل بها عن طريق حكمة خلق هذا العالم على وجود البعث والحياة الاخرى.
فتستنتج الآية الاولى من هذا الإستدلال : (إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ).
ثم ذكرت الآية التالية شرحاً موجزاً ليوم الفصل هذا ، فقالت : (يَوْمَ لَايُغْنِى مَوْلًى عَن مَّوْلًى شَيًا وَلَا هُمْ يُنصَرُونَ).
«المولى» : من مادة «ولاء» ، وهي في الأصل تعني الإتصال بين شيئين بحيث لا يوجد بينهما حاجز ، وله مصاديق كثيرة.
والفرق بين «لا يغني» وبين «لا» هم ينصرون هو : إنّ الأوّل إشارة إلى أنّ أي فرد لا يقدر في ذلك اليوم على حل مشكلة فرد آخر بصورة إنفرادية مستقلة ، والثاني إشارة إلى أنّهم عاجزون عن حلّ المشاكل حتى وإن تعاونوا فيما بينهم.
لكن هناك جماعة واحدة مستثناة فقط ، وهي التي أشارت إليها الآية التالية ، فقالت : (إِلَّا مَن رَّحِمَ اللهُ إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ).
لا شك أنّ هذه الرحمة الإلهية لا تُمنح اعتباطاً ، بل تشمل الذين آمنوا وعملوا الصالحات فقط.
(إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ (٤٣) طَعَامُ الْأَثِيمِ (٤٤) كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ (٤٥) كَغَلْيِ الْحَمِيمِ (٤٦) خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاءِ الْجَحِيمِ (٤٧) ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ (٤٨) ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ (٤٩) إِنَّ هذَا مَا كُنْتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ) (٥٠)
شجرة الزقوم : تصف هذه الآيات أنواعاً من عذاب الجحيم وصفاً مرعباً يهز الأعماق ، وهي تكمل البحث الذي مرّ في الآيات السابقة حول يوم الفصل والقيامة ، فتقول : (إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ طَعَامُ الْأَثِيمِ). فهؤلاء المجرمون هم الذين يأكلون هذا النبات المر القاتل ، والخبيث الطعام النتن الرائحة.
«الزقوم» : اسم شجرة لها أوراق صغيرة وثمرة مرّة خشنة اللمس منتنة الرائحة ، تنبت في أرض تهامة من جزيرة العرب ، كان المشركون يعرفونها ، وهي شجرة عصيرها مرّ ، وإذا