مطلقاً ، فكيف يُنتظر أن يرث الإبن المتبنّي؟!
ثم تضيف الآية : (وَأُولُوا الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِى كِتَابِ اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ). ولكن مع ذلك ، ومن أجل أن لا تغلق الأبواب بوجه المسلمين تماماً وليكون بإمكان المؤمنين تعيين شيئاً من الإرث لإخوانهم ـ وإن كان بأن يوصوا بثلث المال ـ فإنّ الآية تضيف في النهاية : (إِلَّا أَن تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُم مَّعْرُوفًا).
وتقول في آخر جملة تأكيداً لكل الأحكام السابقة ، أو الحكم الأخير : (كَانَ ذلِكَ فِى الْكِتَابِ مَسْطُورًا) ـ في اللوح المحفوظ أو في القرآن الكريم ـ.
(وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقاً غَلِيظاً (٧) لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ وَأَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً أَلِيماً) (٨)
ميثاق الله الغليظ : لما كانت الآيات السابقة قد بيّنت الصلاحيات الواسعة للرسول الأكرم صلىاللهعليهوآله تحت عنوان (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم) ، فإنّ هذه الآيات تبيّن واجبات النبي وسائر الأنبياء العظام الثقيلة العظيمة ، لأنّا نعلم أنّ الصلاحيات تقترن دائماً بالمسؤوليات. تقول الآية الاولى : (وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنكَ وَمِن نُّوحٍ وَإِبْرهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا).
وعلى هذا فإنّها تذكر أوّلاً جميع الأنبياء في مسألة الميثاق ، ثم تخصّ بالذكر منهم خمسة أنبياء هم اولوا العزم ، وعلى رأسهم نبي ااخاتم صلىاللهعليهوآله لعظمته وجلالته وشرفه.
هذا الميثاق هو تأدية مسؤولية التبليغ والرسالة والقيادة وهداية الناس في كل الأبعاد والمجالات.
إنّ الأنبياء كانوا مكلفين بأن يؤيّد بعضهم بعضاً ، كما أنّ الأنبياء اللاحقين يصدّقون ويؤكّدون صحّة دعوة الأنبياء السابقين.
وتبين الآية التالية الهدف من بعثة الأنبياء والميثاق الغليظ الذي اخذ منهم ، فتقول : (لّيَسْئَلَ الصَّادِقِينَ عَن صِدْقِهِمْ وَأَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا أَلِيمًا).
إنّ المراد من الصادقين : هم الذين أثبتوا صدقهم وإخلاصهم في ميادين حماية دين الله والجهاد والثبات والصمود أمام المشاكل وبذل الأرواح والأموال.