(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيراً (٩) إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا (١٠) هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالاً شَدِيداً) (١١)
الإمتحان الإلهي العظيم في مواجهة الأحزاب : تتحدث هذه الآيات والآيات الاخرى التالية ، والتي تشكّل بمجموعها سبع عشرة آية ، عن أعسر الامتحانات والاختبارات الإلهية للمؤمنين والمنافقين ، واختبار مدى صدقهم في العمل ، الذي بحث في الآيات السابقة.
إنّ هذه الآيات تبحث أحد أهم حوادث تاريخ الإسلام ، أي عن «معركة الأحزاب».
إنّ حرب الأحزاب ـ وكما يدل عليها إسمها ـ كانت مجابهة شاملة من قبل عامة أعداء الإسلام والفئات المختلفة التي تعرّضت مصالحها ومنافعها اللامشروعة للخطر نتيجة توسّع وانتشار هذا الدين.
لقد اشعلت أوّل شرارة للحرب من قبل يهود «بني النظير» الذين جاؤوا إلى مكة وأغروا «قريش» بحرب النبي صلىاللهعليهوآله ، ووعدوهم بأن يساندوهم ويقفوا إلى جانبهم حتى النفس الأخير ، ثم أتوا قبيلة «غطفان» وهيّئوهم لهذا الأمر أيضاً.
ثم دعت هذه القبائل حلفاءها كقبيلة «بني أسد» و «بني سليم» ، ولما كان الجميع قد أحسّ بالخطر فإنّهم اتّحدوا واتّفقوا على أن يقضوا على الإسلام إلى الأبد.
أمّا المسلمون اجتمعوا للتشاور بأمر النبي صلىاللهعليهوآله ، وقبل كل شيء أخذوا برأي «سلمان الفارسي» وحفروا حول المدينة خندقاً حتى لا يستطيع العدو عبوره بسهولة ويهجم على المدينة ، ولهذا كان أحد أسماء هذه المعركة «معركة الخندق».
لقد مرّت لحظات صعبة وخطرة جدّاً على المسلمين ، وكانت القلوب قد بلغت الحناجر ، وكان المنافقون من جهة اخرى قد شمّروا عن السواعد وجدّوا في تآمرهم على الإسلام ، وكذلك ضخامة عدد الأعداء وقلة عدد المسلمين ـ (ذكروا أنّ عدد الكفار كان عشرة آلاف ، أمّا المسلمون فكانوا ثلاثة آلاف) وإستعداد الكفار من ناحية المعدّات الحربية ، كل ذلك قد رسم صورة كالحة للمصير المجهول في أعين المسلمين. إلّاأنّ الله سبحانه أراد أن