بام أعينهم ، ولات ساعة مندم.
«يخسر» : من الخسران ، وهو فقدان رأس المال ؛ و «المبطل» : من مادة «إبطال» ، فلها في اللغة معان مختلفة ، كإبطال الشيء ، والكذب ، والاستهزاء والمزاح ، وطرح أمر باطل وذكره ، وكل هذه المعاني يمكن أن تقبل في مورد الآية.
الأشخاص الذين أبطلوا الحق ، والذين نشروا عقيدة الباطل وأهدافه ، والذين كذبوا أنبياء الله ، وسخروا من كلامهم ، سيرون خسرانهم المبين في ذلك اليوم.
وتجسّد الآية التالية مشهد القيامة بتعبير بليغ مؤثر جدّاً ، فتقول : (وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً).
ثم تبيّن الآية ثاني مشاهد القيامة ، فتقول : (كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ). فإنّ هذا الكتاب صحيفة أعمال سجلت فيها كل الحسنات والسيئات ، والقبائح والأفعال الجميلة ، وأقوال الإنسان وأعماله ، وعلى حدّ تعبير القرآن الكريم : (لَايُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا) (١).
وعبارة (كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا) يوحي بأنّ لكل امة كتاباً يتعلق بأفرادها جميعاً ، إضافة إلى صحيفة الأعمال الخاصة بكل فرد.
ثم يأتيهم الخطاب من قبل الله مرّة اخرى ، فيقول مؤكّداً : (هذَا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُم بِالْحَقّ). فقد كنتم تفعلون كل ما يحلو لكم ، ولم تكونوا تصدّقون مطلقاً أنّ كل أعمالكم هذه تسجل في مكان ما ، ولكن (إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ).
«نستنسخ» : من مادة «إستنساخ» ، وهي في الأصل مأخوذة من النسخ ، وهو إزالة الشيء بشيء آخر ، ثم استعملت في كتابة كتاب عن كتاب آخر من دون أن يمحى الكتاب الأوّل.
وتبيّن الآية التالية الجلسة الختامية للمحكمة وإصدار قرار الحكم ، حيث تنال كل فئة جزاء أعمالها ، فتقول : (فَأَمَّا الَّذِينَءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِى رَحْمَتِهِ).
والتعبير ب «ربّهم» يحكي عن لطف الله الخاص ، يكتمل بتعبير «الرحمة» بدل «الجنة».
وتبلغ بهم نهاية الآية أوج الكمال حينما تقول : (ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ).
__________________
(١) سورة الكهف / ٤٩.