إنّ ل «رحمة الله» معنى واسعاً يشمل الدنيا والآخرة ، وقد أطلقت في آيات القرآن الكريم على معان كثيرة ، فتارة تطلق على مسألة الهداية ، واخرى على الإنقاذ من قبضة الأعداء ، وثالثة على المطر الغزير المبارك ، ورابعة على نعم اخرى كنعمة النور والظلمة ، وأطلقت في موارد كثيرة على الجنة ومواهب الله سبحانه في القيامة.
«الفوز» : تعني الظفر المقترن بالسلامة ، وقد استعملت في (١٩) مورداً من آيات القرآن المجيد ، فوصف الفوز مرّة بالمبين ، واخرى بالكبير ، أمّا في غالب الآيات فقد وصف بالعظيم ، وهو مستعمل عادة في شأن الجنة.
وتذكر الآية الآتية مصير من يقع في الطرف المقابل لُاولئك السابقين ، فتقول : (وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا أَفَلَمْ تَكُنْءَايَاتِى تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاسْتَكْبَرْتُمْ وَكُنتُمْ قَوْمًا مُّجْرِمِينَ).
ومما يلفت النظر أنّ الكلام في هذه الآية عن الكفر فقط ، وأمّا أعمال السوء التي هي عامل الدخول في عذاب الله وسببه فلم يجر لها ذكر ، وذلك لأنّ الكفر وحده كاف لأنّ يدخل صاحبه العذاب.
(وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لَا رَيْبَ فِيهَا قُلْتُمْ مَا نَدْرِي مَا السَّاعَةُ إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنّاً وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ (٣٢) وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُوا وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِءُونَ (٣٣) وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنْسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هذَا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (٣٤) ذلِكُمْ بِأَنَّكُمُ اتَّخَذْتُمْ آيَاتِ اللهِ هُزُواً وَغَرَّتْكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ لَا يُخْرَجُونَ مِنْهَا وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ (٣٥) فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَرَبِّ الْأَرْضِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٣٦) وَلَهُ الْكِبْرِيَاءُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (٣٧)
يوم تبدو السيّئات : الآية الاولى من هذه الآيات توضيح لما ذكر في الآيات السابقة بصورة مجملة ، توضيح لمسألة استكبار الكافرين على آيات الله ودعوة الأنبياء ، فتقول : (وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لَارَيْبَ فِيهَا قُلْتُمْ مَّا نَدْرِى مَا السَّاعَةُ إِن نَّظُنُّ إِلَّا ظَنًّا وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ).
وتتحدث الآية التالية عن جزاء هؤلاء وعقابهم ، ذلك الجزاء الذي لا يشبه عقوبات