(إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً (٨) لِتُؤْمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً (٩) إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللهَ يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً) (١٠)
مكانة النبي وواجب الناس تجاهه : قلنا إنّ بعض الجهلاء اعترضوا بشدة على صلح الحديبية وحتى أنّ بعض تعبيراتهم لم تخل من عدم الإحترام بالنسبة إلى النبي صلىاللهعليهوآله وكان مجموع هذه الامور يستوجب أن يؤكّد القرآن مرّةً اخرى على عظمة النبي صلىاللهعليهوآله وجلالة قدره. لذلك فإنّ الآية الاولى من الآيات أعلاه تخاطب النبي فتقول : (إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وُمَبشّرًا وَنَذِيرًا).
«شاهداً» على جميع الامّة الإسلامية ، بل هو شاهد على جميع الأمم.
وفي الآية التالية خمسة أوامر مهمة ، هي بمثابة الهدف من سمات النبي المذكورة آنفاً : وتشكل أمرين في طاعة الله وتسبيحه وتقديره ، وثلاثة أوامر منها في «طاعة» رسوله و «الدفاع عنه» و «تعظيم مقامه». إذ تقول الآية : (لّتُؤْمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزّرُوهُ وَتُوَقّرُوهُ وَتُسَبّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً).
«تعزّروه» : من مادة «تعزير» ، وهو في الأصل يعني «المنع» ثم توسّعوا فيه فأطلق على كل دفاع ونصرة وإعانة للشخص في مقابل أعدائه كما يطلق على بعض العقوبات المانعة عن الذنب «التعزير أيضاً» ؛ و «توقّروه» : مشتقة من مادة «توقير» ، وجذورها «الوقر» ومعناها الثِقَل .. فيكون معنى التوقير هنا التعظيم والتكريم.
وطبقاً لهذا التفسير فإنّ الضميرين في «تعزّروه» و «توقّروه» يعودان على شخص النبي صلىاللهعليهوآله والهدف من ذلك هو الدفاع عنه بوجه أعدائه وتعظيمه واحترامه.
وفي آخر آية من الآيات محل البحث إشارة قصيرة إلى مسألة «بيعة الرضوان» وقد جاء التفصيل عنها في الآية (١٨) من السورة ذاتها.
إنّ القرآن يتحدث عن مبايعة المسلمين في الآية محل البحث فيقول : (إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللهَ يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ).