الشرائط العامة ومن ضمنها الطاقة والقدرة ، وكثيراً ما أشارت الآيات القرآنية إلى هذا المعنى.
وبالطبع فإنّ هذه الجماعة وإن كانت معذورة من الاشتراك في ميادين الجهاد ، إلّاأنّ عليها أن تساهم بمقدار ما تستطيع لتقوية قوى الإسلام وتقدّم الأهداف الإلهية.
ولعل الجملة الأخيرة في الآية محل البحث تشير أيضاً إلى هذا المعنى فتقول : (وَمَن يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارِ وَمَن يَتَوَلَّ يُعَذّبْهُ عَذَابًا أَلِيمًا).
(لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً (١٨) وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَانَ اللهُ عَزِيزاً حَكِيماً) (١٩)
رضي الله عن المشتركين في بيعة الرضوان : ذكرنا آنفاً أنّه في الحديبية جرى حوار بين ممثلي قريش والنبي صلىاللهعليهوآله وكان من ضمن السفراء عثمان بن عفان الذي تشدّه أواصر القربى بأبي سفيان ، ولعل هذه العلاقة كان لها أثر في انتخابه ممثلاً عن النبي صلىاللهعليهوآله فأرسله إلى أبي سفيان وأشراف قريش يخبرهم أنّه لم يأت لحرب وإنّما جاء زائراً لهذا البيت ، معظماً لحرمته فاحتبسته قريش عندها. فبلغ رسول الله صلىاللهعليهوآله والمسلمين أنّ عثمان قد قُتل. فقال : «لا نبرح حتى نناجز القوم». ودعا الناس إلى البيعة فقام رسول الله صلىاللهعليهوآله إلى الشجرة فاستند إليها وبايع الناس على أن يقاتلوا المشركين ولا يفرّوا (١).
فبلغ صدى هذه البيعة مكة واضطربت قريش من ذلك بشدة واطلقوا عثمان.
وكما نعرف فإنّ هذه البيعة عرفت ببيعة الرضوان وقد أفزعت المشركين وكانت منعطفاً في تاريخ الإسلام. فالآيتان محل البحث تتحدّثان عن هذه القصّة فتقول الاولى : (لَّقَدْ رَضِىَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ).
والهدف من هذه البيعة الإنسجام أكثر فأكثر بين القوى وتقوية المعنويات وتجديد التعبئة العسكرية ومعرفة الأفكار واختبار ميزان التضحية من قبل المخلصين الأوفياء.
فأعطى الله هؤلاء المؤمنين المضحّين والمؤثرين على أنفسهم نفس رسول الله في هذه
__________________
(١) تفسير مجمع البيان ٩ / ١٩٤.