ثم يضيف القرآن في تكملة الآية مشيراً إلى نعمتين كُبريين اخريين من مواهب الله ونعمه إذ يقول : (وَلِتَكُونَءَايَةً لّلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا).
وفي الآية التالية أعطى الله بشارةً اخرى للمسلمين إذ قال : (وَأُخْرَى لمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا قَدْ أَحَاطَ اللهُ بِهَا وَكَانَ اللهُ عَلَى كُلّ شَىْءٍ قَدِيرًا).
إنّ هذا الوعد إشارة إلى فتح مكة وغنائم حنين.
أو إشارة إلى الفتوحات والغنائم التي كانت نصيب المسلمين بعد النبي (كفتح فارس والروم ومصر) ، كما يحتمل أيضاً أنّه إشارة لجميع ما تقدّم ذكره.
فإنّ الآية من إخبار القرآن بالمغيّبات والحوادث الآتية ، وقد حدثت هذه الفتوحات في مدّة قصيرة وكشفت عن عظمة هذه الآيات بجلاء.
(وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يَجِدُونَ وَلِيّاً وَلَا نَصِيراً (٢٢) سُنَّةَ اللهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلاً (٢٣) وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيراً (٢٤) هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفاً أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ وَلَوْ لَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَاباً أَلِيماً) (٢٥)
هذه الآيات تتحدث أيضاً عن أبعاد اخر لما جرى في الحديبية وتشير إلى «لطيفتين» مهمّتين في هذا الشأن.
الاولى : هي أنّه لا تتصوروا أنّه لو وقعت الحرب بينكم وبين مشركي مكة في الحديبية لانتصر المشركون والكفرة. (وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَايَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا).
وليس هذا منحصراً بكم بل : (سُنَّةَ اللهِ الَّتِى قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلاً). فهذا هو قانون إلهي دائم ، فمتى واجه المؤمنون العدوّ بنيّات خالصة وقلوب طاهرة ولم يضعفوا في أمر الجهاد نصرهم الله على عدوّهم.