ويضيف القرآن إكمالاً للمعنى في نهاية الآية قائلاً : (وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ).
صحيح أنّ العجلة قد تجعل الإنسان أحياناً يبلغ قصده بسرعة ، إلّاأنّ الصبر في مثل هذا «المقام» والتأنّي مدعاة إلى المغفرة والأجر العظيم.
وحيث إنّ بعضهم قد ارتكبوا جهلاً هذا الخطأ من قبل ، واستوحشوا من هذا الأمر وحاسبوا أنفسهم بعد نزول الآية ، فإنّ القرآن يضيف قائلاً إنّهم تشملهم الرحمة عند التوبة : (وَاللهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ).
بحثان
١ ـ الأدب أغلى القيم : اهتم الإسلام اهتماماً كبيراً بمسألة رعاية الأدب ، والتعامل مع الآخرين مقروناً بالإحترام والأدب سواءً مع الفرد أم الجماعة.
يقول الإمام علي عليهالسلام : «الآداب حُلل مجدّدة» (١).
ويقول في مكان آخر : «الأدب يُغني من الحسب» (٢).
وأساساً فإنّ الدين مجموعة من الآداب ، الأدب بين يدي الله والأدب بين يدي الرسول والأئمة المعصومين ، والأدب بين يدي الأستاذ والمعلم ، أو الأب والأم والعالم والمفكّر.
٢ ـ الإنضباط الإسلامي في كل شيء وفي كل مكان : إنّ مسألة المديرية لا تتم بدون رعاية الإنضباط ، وإذا أريد للناس العمل تحت مديرية وقيادة حسب رغبتهم ، فإنّ اتساق الأعمال سينعدم عندئذ وإن كان المديرون والقادة جديرين.
وكثير من الأحداث والنواقص التي نلاحظها تحدّث عن هذا الطريق ، فكم من هزيمة أصابت جيشاً قوياً أو نقصاً حدث في أمر يهمّ جماعة وما إلى ذلك كان سببه ما ذكرناه آنفاً ... ولقد ذاق المسلمون أيضاً مرارة مخالفة هذه التعاليم مراراً في عهد النبي صلىاللهعليهوآله أو بعده ، ومن أوضح الامور قصة هزيمة المسلمين في معركة احُد لعدم الإنضباط من قبل جماعة قليلة من المقاتلين.
__________________
(١) نهج البلاغة ، الحكمة ٥.
(٢) كنز الفوائد ، أبوالفتح الكراجكي / ٤٧.