فلابدّ أن تحيا روح التقوى والخوف من الله أوّلاً : وعلى أثر ذلك تكون التوبة والإنابة لتشملهم رحمة الله ولطفه.
بحوث
١ ـ الأمن الإجتماعي الكامل : إنّ الأوامر أو التعليمات الستة الواردة في الآيتين آنفتي الذكر (النهي عن السخرية واللمز والتنابز بالألقاب وسوء الظن والتجسس والإغتياب) إذا نُفّذت في المجتمع فإنّ سمعة وكرامة الأفراد في ذلك المجتمع تكون مضمونة من جميع الجهات.
إنّ للإنسان رؤوس أموال أربعة ويجب أن تحفظ جميعاً في حصن هذا القانون وهي : «النفس والمال والناموس وماء الوجه».
والتعابير الواردة في الآيتين محل البحث والروايات الإسلامية تدل على أنّ ماء وجه الأفراد كأنفسهم وأموالهم بل هو أهم من بعض الجهات.
الإسلام يريد أن يحكم المجتمع أمن مطلق ، ولا يكتفي بأن يكفّ الناس عن ضرب بعضهم بعضاً فحسب ، بل أسمى من ذلك بأن يكونوا آمنين من ألسنتهم ، بل وأرقى من ذلك أن يكونوا آمنين من تفكيرهم وظنّهم أيضاً .. وأن يُحسّ كلٌّ منهم أنّ الآخر لا يرشقه بنبال الإتهامات في منطقة أفكاره.
وهذا الأمن في أعلى مستوى ولا يمكن تحقّقه إلّافي مجتمع رسالي مؤمن. يقول النبي صلىاللهعليهوآله في هذا الصدد : «إنّ الله حرّم من المسلم دمه وماله وعرضه وأن يُظنّ به ظنّ السّوء» (١).
٢ ـ لا تجسّسوا : رأينا أنّ القرآن يمنع جميع أنواع التجسس بصراحة تامّة ، وحيث إنّه لم يذكر قيداً أو شرطاً في الآية فيدلّ هذا على أنّ التجسس على أعمال الآخرين والسعي إلى إذاعة أسرارهم إثم ، إلّاأنّ القرائن الموجودة داخل الآية وخارجها تدل على أنّ هذا الحكم متعلق بحياة الأفراد الشخصية والخصوصية.
ويصدق هذا الحكم أيضاً في الحياة الاجتماعية للأفراد بشرط أن لا يؤثر في مصير المجتمع.
لكن من الواضح أنّه إذا كان لهذا الحكم علاقة بمصير المجتمع أو مصير الآخرين فإنّ المسألة تأخذ طابعاً آخر ، ومن هنا فإنّ النبي صلىاللهعليهوآله كان قد أعدّ أشخاصاً وأمرهم أن يكونوا
__________________
(١) المحجّة البيضاء في تهذيب الاحياء ٥ / ٢٦٨.