عيوناً لجمع الأخبار واستكشاف المجريات واستقصائها ليحيطوا بما له علاقة بمصير المجتمع.
ومن هذا المنطلق أيضاً يمكن للحكومة الإسلامية أن تتّخذ أشخاصاً يكونون عيوناً لها أو منظمة واسعة للإحاطة بمجريات الامور ، وأن يواجهوا المؤامرات ضد المجتمع أو التي يراد بها إرباك الوضع الأمني في البلاد ، فيتجسّسوا للمصلحة العامة حتى لو كان ذلك في إطار الحياة الخاصة للأفراد.
إلّا أنّ هذا الأمر لا ينبغي أن يكون ذريعةً لهتك حرمة هذا القانون الإسلامي الأصيل ، وأن يسوّغ بعض الأفراد لأنفسهم أن يتجسّسوا في حياة الأفراد الخاصة بذريعة التآمر والإخلال بالأمن ، فيفتحوا رسائلهم مثلاً ، أو يراقبوا الهاتف ويهجموا على بيوتهم بين حين وآخر.
والخلاصة أنّ الحد بين التجسس بمعناه السلبي وبين كسب الأخبار الضرورية لحفظ أمن المجتمع دقيق وظريف جداً ، وينبغي على مسؤولي إدارة الامور الاجتماعية أن يراقبوا هذا الحد بدقة لئلّا تهتك حرمة أسرار الناس ، ولئلّا يتهدد أمن المجتمع والحكومة الإسلامية.
٣ ـ الغيبة من أعظم الذنوب وأكبرها : قلنا إنّ رأس مال الإنسان المهم في حياته ماء وجهه وحيثيّته ، وأي شيء يهدّده فكأنّما يهدّد حياته بالخطر.
وأحياناً يعدّ اغتيال وقتل الشخصية أهم من اغتيال الشخص نفسه ، ومن هنا كان إثمه أكبر من قتل النفس أحياناً.
إنّ واحدةً من حِكم تحريم الغيبة أن لا يتعرّض هذا الاعتبار العظيم ورأس المال المعنوي للأشخاص لخطر التمزّق والتلوّث.
والأمر الآخر إنّ الغيبة تولّد النظرة السيئة وتضعف العلائق الاجتماعية وتوهنها وتتلف رأس مال الإعتماد وتزلزل قواعد التعاون «الإجتماعي».
قال البراء خطبنا رسول الله صلىاللهعليهوآله حتى أسمع العواتق في بيوتهنّ فقال : «يا معشر من آمن بلسانه ولم يؤمن بقلبه ، لا تغتابوا المسلمين ولا تتّبعوا عوراتهم فإنّه من تتّبع عورة أخيه تتّبع الله عورته ومن تتّبع الله عورته يفضحه في جوف بيته» (١).
__________________
(١) المحجّة البيضاء في تهذيب الاحياء ٥ / ٢٥١.