عجمي ولا لعجمي على عربي ولا لأسود على أحمر ولا لأحمر على أسود إلّابالتقوى إنّ أكرمكم عندالله أتقاكم ألا هل بلّغت؟ قالوا : بلى يا رسول الله. قال : «فليبلغ الشاهد الغائب».
٢ ـ حقيقة التقوى : يستفاد من آيات القرآن أنّ التقوى هي الإحساس بالمسؤولية والتعهد الذي يحكم وجود الإنسان وذلك نتيجةً لرسوخ إيمانه في قلبه حيث يصدّه عن الفجور والذنب ويدعوه إلى العمل الصالح والبر ويغسل أعمال الإنسان من التلوّثات ويجعل فكره ونيّته في خلوص من أيّة شائبة.
وقد ذكر بعض الأعاظم للتقوى ثلاث مراحل :
أ) حفظ النفس من (العذاب الخالد) عن طريق تحصيل الإعتقادات الصحيحة.
ب) تجنّب كل إثم وهو أعم من أن يكون تركاً لواجب أو فعلاً لمعصية.
ج) التجلّد والإصطبار عن كل ما يشغل القلب ويصرفه عن الحق ، وهذه تقوى الخواص بل خاص الخاص.
(قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِنْ تُطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئاً إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٤) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ) (١٥)
سبب النّزول
نزلت في أعراب من بني أسد بن خزيمة قدموا على رسول الله صلىاللهعليهوآله المدينة في سنة جدبة وأظهروا الشهادتين ولم يكونوا مؤمنين في السر وأفسدوا طرق المدينة بالعذرات وأغلوا أسعارها وكانوا يقولون لرسول الله صلىاللهعليهوآله : أتيناك بالأثقال والعيال ولم نقاتلك كما قاتلك بنو فلان ، فأعطنا من الصدقة وجعلوا يمنون عليه ، فأنزل الله تعالى فيهم هذه الآية (١).
التّفسير
الفرق بين الإسلام والإيمان : كان الكلام في الآية المتقدمة على معيار القيم الإنسانية ، أي التقوى ، وبما أنّ التقوى ثمرة لشجرة الإيمان ، الإيمان النافذ في أعماق القلوب ، ففي الآيتين
__________________
(١) أسباب نزول الآيات ، الواحدي النيسابوري / ٢٦٥.