فضيلة تلاوة السورة : يستفاد من الروايات الإسلامية أنّ النبي صلىاللهعليهوآله كان يهتمّ إهتماماً كبيراً بسورة «ق» حتى أنّه صلىاللهعليهوآله كان يقرأها في كل جمعة إذا خطب الناس (١).
في تفسير مجمع البيان عن الباقر عليهالسلام قال : «ومن أدمن في فرائضه ونوافله سورة ق وسّع الله في رزقه وأعطاه كتاباً بيمينه وحاسبه حساباً يسيراً».
وكل هذه الفضيلة والفخر لا يحصل بقراءة الألفاظ فحسب ، بل القراءة هي بداية لتيقّظ الأفكار ، وهي بدورها مقدّمة للعمل الصالح والإنسجام مع محتوى السورة هذه.
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمـَنِ الرَّحِيمِ
(ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ (١) بَلْ عَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ فَقَالَ الْكَافِرُونَ هذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ (٢) أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً ذلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ (٣) قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِنْدَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ (٤) بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ) (٥)
مرّةً اخرى نواجه هنا بعض الحروف المقطعة ، وهو الحرف «ق» ، وكما قلنا من قبل أنّ واحداً من التفاسير المتينة هو أنّ هذا القرآن على عظمته مؤلّف من حروف بسيطة هي ألف باء الخ ... وهذا يدلّ على أنّ مُبدع القرآن ومنزله لديه علم لا محدود وقدرة مطلقة بحيث خلق هذا التركيب الرفيع العالي من هذه الوسائل البسيطة المألوفة.
قال بعض المفسرين : إنّ «ق» إشارة إلى بعض أسماء الله تعالى «كالقادر والقيّوم» وما إلى ذلك من الأسماء المبدوءة بحرف القاف.
ومن جملة الامور التي تثبت على أنّ هذا الحرف (ق) هو من الحروف المقطعة المذكورة لبيان عظمة القرآن هو مجيء القسم مباشرةً ـ بعد هذا الحرف ـ بالقرآن المجيد إذ يقول سبحانه : (ق وَالْقُرْءَانِ الْمَجِيدِ).
«المجيد» : مشتقة من المجد ومعناها الشرف الواسع ؛ وبما أنّ القرآن عظمته غير محدودة وشرفه بلا نهاية ، فهو جدير بأن يكون مجيداً من كل جهة ، فظاهره رائق ، ومحتواه عظيم ، وتعاليمه عالية ، ومناهجه مدروسة ، تبعث الروح والحياة في نفوس العباد.
ثم يبيّن القرآن جانباً من إشكالات الكفار والمشركين العرب الواهية فيذكر إشكالين
__________________
(١) مستدرك ، الحاكم النيسابوري ١ / ٢٨٤ ؛ صحيح مسلم ٣ / ١٣ ؛ مسند أحمد ٦ / ٤٦٣.