والتعصّب واللجاجة ، وتنشقّ أستار الشهوات والآمال ، وما كان مستوراً وراء حجاب الغيب يبدو ظاهراً اليوم ، لأنّ هذا اليوم يوم البروز ويوم الشهود ويوم تبلى السرائر.
(وَقَالَ قَرِينُهُ هذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ (٢٣) أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ (٢٤) مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُرِيبٍ (٢٥) الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ (٢٦) قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلكِنْ كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ (٢٧) قَالَ لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ (٢٨) مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (٢٩) يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ) (٣٠)
قرناء الإنسان من الملائكة والشياطين : مرّةً اخرى ترتسم في هذه الآيات صورة اخرى عن المعاد ، صورة مثيرة مذهلة حيث إنّ الملك ـ قرين الإنسان ـ يبيّن محكومية الإنسان بين الملأ ويصدر حكم الله لمعاقبته وجزائه. تقول الآية الاولى من هذه الآيات : يقول صاحبه وقرينه هذا كتاب أعمال هذا الإنسان حاضر لديّ : (وَقَالَ قَرِينُهُ هذَا مَا لَدَىَّ عَتِيدٌ). فيكشف الستار عن كل صغيرة وكبيرة صدرت منه.
والمراد من «قرينه» هو الملك الذي يرافق الإنسان في الدنيا والذي كان مأموراً بتسجيل أعماله وضبطها ليشهد عليه هناك في محكمة عدل الله.
ثم يخاطب الله الملكين المأمورين بتسجيل أعمال الإنسان فيقول لهما : (أَلْقِيَا فِى جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ).
«عنيد» : مشتقة من العناد ، ومعناها التكبر وحبّ الذات وعدم الخضوع للحق.
وفي الآية التالية إشارة إلى بعض الأوصاف الذميمة المنحطّة التي يتّصف بها هؤلاء الكفار ـ إذ تقول الآية : (مَّنَّاعٍ لّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُّرِيبٍ).
«معتد» : معناها المتجاوز على الحدود ، سواءً أكان متجاوزاً لحقوق الآخرين أو لحدود الله وأحكامه ؛ و «مريب» : مشتقة من الريب ، وتعني من هو في شك ، الشك المقرون بسوء الظن ، أو من يخدع الآخرين فيجعلهم بما يقول أو يعمل في شك من أمرهم ... فيضلّوا عن سواء السبيل.
ثم تضيف الآية التالية لتذكر وصفاً ذميماً لمن كان من طائفة الكفار فتقول : (الَّذِى جَعَلَ