أمّا قوله : (وَمِنَ الَّيْلِ) فيشير إلى صلاتي المغرب والعشاء وقوله : (وَأَدْبَارَ السُّجُودِ) ناظر إلى النوافل بعد صلاة المغرب.
(وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ (٤١) يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ (٤٢) إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ (٤٣) يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعاً ذلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ (٤٤) نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ) (٤٥)
يخرج الجميع أحياءً عند صيحة القيامة : هذه الآيات محل البحث التي تختتم بها سورة «ق» كسائر آياتها تتحدث على المعاد والقيامة كما أنّها تعرض جانباً منهما أيضاً وهو موضوع النفخة في الصور ، وخروج الأموات من القبور في يوم النشور ... فتقول : (وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ * يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقّ ذلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ).
والمخاطب بالفعل «استمع» هو النبي صلىاللهعليهوآله نفسه إلّاأنّه من المسلّم به أنّ المقصود جميع الناس.
والمراد من «استمع» إمّا هو الإنتظار والترقّب ، لأنّ من ينتظر حادثة تبدأ بصوت مهول يُرى في حالة ترقّب دائماً ، فهو منتظر لأن يسمع الصوت ؛ أو هو الإصغاء إلى كلام الله فيكون المعنى «استمع كلام الله» إذ يقول : يوم يسمعون الصيحة الخ.
هذا المنادي هو «إسرافيل» الذي ينفخ في الصور ... وقد وردت الإشارة في آيات القرآن إليه لا بالإسم بل بتعبيرات خاصة.
عبارة (مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ) إشارة إلى أنّ هذه الصيحة ينتشر صداها في الفضاء بدرجة أنّها كما لو كانت في اذن كل أحد.
ولكي يعرف من الحاكم في هذه المحكمة الكبرى ، فإنّ القرآن يضيف قائلاً : (إِنَّا نَحْنُ نُحْىِ وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ).
ثم يضيف القرآن فيخبر عن ميقات النشور فيقول : (يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعًا).
أي : يخرجون مسرعين من القبور. ويضيف مختتماً : (ذلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ).
و «الحشر» : معناه الجمع من كل جهة ومكان.