شأن آياته في الأرض وفي نفس «الإنسان» ووجوده ـ وهي ضمناً دليل على قدرة الله على المعاد والحياة ، فتقول أوّلاً : (وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْيدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ * وَالْأَرْضَ فَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ).
«الأيد» : على وزن الصيد ، معناه القدرة والقوة ـ وقد تكرّر هذا المعنى في آيات القرآن المجيد ، وهو هنا بمعنى قدرة الله المطلقة العظيمة في خلق السماوات.
ودلائل هذه القدرة العظيمة واضحة جلية في عظمة السماوات ونظامها الخاصّ الحاكم عليها أيضاً.
ومع الأخذ بنظر الإعتبار ما إكتشفه العلماء من اتّساع العالم هو أنّ الله خلق السماوات ويوسعها دائماً.
والعلم الحديث (المعاصر) يقول ليست الكرة الأرضية وحدها تتضخّم وتثقل على أثر جذب المواد السماوية تدريجاً ، بل السماء أيضاً في اتّساع دائم ، أي أنّ بعض النجوم المستقرة في المجرّات تبتعد عن مركز مجرّاتها بسرعة هائلة حتى أنّ هذه السرعة لها أثرها في الإتّساع في كثير من المواقع.
وبعد خلق السماء والأرض تصل النوبة إلى خلق الموجودات المختلفة في السماء والأرض وأنواع النباتات والحيوانات فتقول الآية التالية في هذا الشأن : (وَمِن كُلّ شَىْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ).
جملة (وَمِن كُلّ شَىْءٍ) يشمل جميع الموجودات لا الموجودات الحية فحسب ، فيمكنها أن تشير إلى هذه الحقيقة وهي أنّ جميع أشياء العالم مخلوقة من ذرات موجبة وسالبة ، ومن المسلّم به هذا اليوم من الناحية العلمية أنّ الذرات مؤلفة من أجزاء مختلفة ، منها ما يحمل طاقة سالبة تدعى بالألكترون ، ومنها ما يحمل طاقة موجبة وتدعى بالبروتون.
ويضيف القرآن في الآية التالية مستنتجاً مما تقدم من الأبحاث التوحيدية قائلاً : (فَفِرُّوا إِلَى اللهِ إِنّى لَكُم مّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ).
والتعبير ب «الفرار» هنا يطلق في ما إذا واجه الإنسان موجوداً أو حادثاً مخيفاً فيُسرع من مكان المواجهة إلى ذلك المكان ويلتجىء إلى نقطة الأمن والأمان ... فالآية تقول : فرّوا من عقيدة الشرك الموحشة وعبادة الأصنام إلى التوحيد الخالص الذي هو منطقة الأمن والأمان الواقعي.