فرّوا من السيئات والقبائح وعدم الإيمان وظلمة الجهل والعذاب الدائم والتجأوا إلى رحمة الحق وسعادته الأبدية.
ولمزيد التأكيد ، يستند القرآن إلى وحدانية العبادة لله الأحد فيقول : (وَلَا تَجْعَلُوا مَعَ اللهِ إِلهًاءَاخَرَ إِنّى لَكُم مّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ).
(كَذلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ (٥٢) أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ (٥٣) فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَا أَنْتَ بِمَلُومٍ (٥٤) وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ) (٥٥)
قرأنا في الآية (٣٩) من هذه السورة أنّ فرعون اتّهم موسى عليهالسلام عندما دعاه إلى الله وترك الظلم أنّه ساحر أو مجنون ، فهذا الإتهام ورد على لسان المشركين في زمان النبي محمّد صلىاللهعليهوآله أيضاً إذ اتّهموه بمثل ما اتّهم فرعون موسى وقد عزّ ذلك على المؤمنين الأوائل والقلائل كما كان يؤلم روح النبي. فالآيات محل البحث ومن أجل تسلية النبي صلىاللهعليهوآله والمؤمنين تقول : (كَذلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم مّن رَّسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ).
كانوا يتّهمون الرسل السابقين بأنّهم سحرة لأنّهم لم يجدوا جواباً منطقياً لمعاجزهم الباهرة ، وكانوا يخاطبون رسولهم بأنّه «مجنون» ... لأنّه لم يكن على غرارهم ومتلوّناً بلون المحيط ولم يستسلم للُامور المادية.
ثم يضيف القرآن هل أنّ هذه الأقوام الكافرة تواصت فيما بينها على توجيه هذه التهمة إلى جميع الأنبياء : (أَتَوَاصَوْا بِهِ).
ويعقّب القرآن على ذلك قائلاً : (بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ).
وهذه هي إفرازات روح الطغيان حيث يتوسّلون بكل كذب واتّهام لإخراج أهل الحق من الساحة.
ولمزيد التسرّي عن قلب النبي وتسليته يضيف القرآن : (فَتَوَلَّ عَنْهُمْ).
وكن مطمئناً بأنّك قد أدّيت ما عليك من التبليغ والرسالة : (فَمَا أَنتَ بِمَلُومٍ).
وهذه الجملة تذكّر بالآيات السابقة التي تدل على أنّ النبي كان يتحرق لقومه حتى يؤمنوا ويتأثر غاية التأثر لعدم إيمانهم حتى كاد يهلك نفسه من أجلهم.
كما تشير الآية (٦) من سورة الكهف حيث نقرأ فيها : (فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَى ءَاثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا).