وإنّما تضاف إليها نعم ومواهب معنوية ومادية اخر : (وَالَّذِينَءَامَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مّنْ عَمَلِهِم مّن شَىْءٍ).
وهذه نعمة بنفسها أيضاً أن يرى الإنسان ذريته في الجنة ويلتذ برؤيتهم دون أن ينقص من عمله شيء أبداً.
فمثل هؤلاء الأبناء وهذه الذرية إذا كان في عملهم نقص وتقصير فإنّ الله سبحانه يتجاوز عنهم لأجل آبائهم الصالحين ، ويرتفع مقامهم عندئذ فيبلغون درجة آبائهم ، وهذه المثوبة موهبة للآباء والأبناء.
إنّ القرآن يضيف في نهاية الآية : (كُلُّ امْرِىٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ). أي : أنّ أعمال كل إنسان ملازمة له ، سواءً كانت صالحة أو طالحة ، ولذلك فإنّ المتقين في الجنة رهينو أعمالهم ، وإذا كان أبناؤهم وذرياتهم معهم ، فلا يعني ذلك أنّ أعمالهم ينقص منها شيء أبداً.
(وَأَمْدَدْنَاهُمْ بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ (٢٢) يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْساً لَا لَغْوٌ فِيهَا وَلَا تَأْثِيمٌ (٢٣) وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ (٢٤) وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ (٢٥) قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ (٢٦) فَمَنَّ اللهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ (٢٧) إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ) (٢٨)
أشارت الآيات المتقدمة إلى تسعة أقسام من مواهب أهل الجنة ، وتشير الآيات محل البحث إلى خمسة اخر منها بحيث يستفاد من المجموع أنّ ما هو لازم للهدوء والطمأنينة والفرح والسرور واللذة مهيّأ لهم في الجنة. فتشير الآية الاولى من الآيات محل البحث إلى نوعين من طعام أهل الجنة فتقول : (وَأَمْدَدْنَاهُم بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مّمَّا يَشْتَهُونَ).
«أمددناهم» : مشتق من الإمداد ومعناه العطاء والزيادة والإدامة ... أي إنّ طعام الجنة وفواكهها لا ينقص منهما شيء بتناولهما ، وهما ليسا كطعام الدنيا وفواكهها بحيث يتغيّران أو ينقصان.
والتعبير ب (مّمَّا يَشْتَهُونَ) يدل على أنّ أهل الجنة أحرار تماماً في إنتخاب الأطعمة ونوعها وكميّتها وكيفيتها ، فمهما طلبوا فهو مهيء لهم ... وبالطبع فإنّ طعام الجنة غير منحصر بهذين النوعين اللحم والفاكهة ، إلّاأنّهما يمثّلان الطعام المهم ، وتقديم الفاكهة على اللحم إشارة إلى أفضليتها عليه.