إبراهيم بن محمد بن سفيان عن مسلم بن الحجاج حدثني محمد بن منهال الضرير ثنا يزيد بن زريع ثنا حميد الطويل عن بكر بن عبد الله المزني قال : كنت جالسا مع ابن عباس عند الكعبة فأتاه أعرابي فقال : ما لي أرى بني عمّكم يسقون العسل واللّبن وأنتم تسقون النبيذ؟ أمن حاجة بكم؟ أم من (١) بخل؟ فقال ابن عباس : الحمد لله ما بنا حاجة ولا بخل ، قدم رسول الله صلىاللهعليهوسلم على راحلته وخلفه أسامة بن زيد فاستسقى فأتيناه بإناء من نبيذ فشرب وسقى فضله أسامة ، وقال : «أحسنتم وأجملتم كذا فاصنعوا» ، فلا نريد تغيير ما أمر به رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
(الَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللهِ وَأُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ (٢٠) يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيها نَعِيمٌ مُقِيمٌ (٢١) خالِدِينَ فِيها أَبَداً إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (٢٢) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا آباءَكُمْ وَإِخْوانَكُمْ أَوْلِياءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (٢٣))
قوله تعالى : (الَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً) ، فضيلة ، (عِنْدَ اللهِ) ، من الذين افتخروا بسقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام ، (وَأُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ) ، الناجون من النار.
(يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيها نَعِيمٌ مُقِيمٌ (٢١)
(خالِدِينَ فِيها أَبَداً إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (٢٢)).
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا آباءَكُمْ وَإِخْوانَكُمْ أَوْلِياءَ) [الآية] ، قال مجاهد : هذه الآية متّصلة بما قبلها نزلت في قصة العباس وطلحة وامتناعهما من الهجرة.
وقال الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال : لمّا أمر النبيّ صلىاللهعليهوسلم الناس بالهجرة إلى المدينة فمنهم (٢) من تعلّق به وأهله وولده يقولون ننشدك بالله أن لا تضيّعنا. فيرق لهم فيقيم عليهم ويدع الهجرة ، فأنزل الله عزوجل هذه الآية (١).
وقال مقاتل : نزلت في التسعة الذين ارتدوا عن [دين](٣) الإسلام ولحقوا بمكة فنهى الله عن ولايتهم ، فأنزل الله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا آباءَكُمْ وَإِخْوانَكُمْ أَوْلِياءَ) بطانة وأصدقاء فتفشون إليهم أسراركم وتؤثرون المقام معهم على الهجرة والجهاد ، (إِنِ اسْتَحَبُّوا) ، اختاروا (الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ) ، فيطلعهم على عورة المسلمين ويؤثر المقام معهم على الهجرة والجهاد ، (فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) ، وكان في ذلك الوقت لا يقبل الإيمان إلّا من مهاجر ، فهذا معنى قوله : (فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ).
(قُلْ إِنْ كانَ آباؤُكُمْ وَأَبْناؤُكُمْ وَإِخْوانُكُمْ وَأَزْواجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوالٌ اقْتَرَفْتُمُوها وَتِجارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسادَها وَمَساكِنُ تَرْضَوْنَها أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَجِهادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ وَاللهُ لا يَهْدِي
__________________
(١) هذا الخبر ذكره الواحدي في «أسباب النزول» ٤٩٦ عن الكلبي بدون إسناد. والكلبي متروك متهم. وقد روى عن ابن عباس تفسيرا موضوعا.
__________________
(١) في المطبوع «أمن» والمثبت عن المخطوط و «صحيح مسلم».
(٢) في المطبوع «فمنعهم» والمثبت عن المخطوط.
(٣) زيادة عن المخطوط.