لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها) ، أي : على نفسه ووباله عليه ، (وَما أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ) ، بكفيل أحفظ أعمالكم. قال ابن عباس : نسختها آية القتال.
(وَاتَّبِعْ ما يُوحى إِلَيْكَ وَاصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللهُ) ، بنصرك وقهر عدوّك وإظهار دينه ، (وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ) ، فحكم بقتال المشركين وبالجزية على أهل الكتاب يعطونها عن يد وهم صاغرون. [والله أعلم بالصواب وإليه المآب](١).
سورة هود
مكية إلا قوله : (وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ) [١١٤] ، وهي مائة وثلاث وعشرون آية.
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
(الر كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ (١))
(الر كِتابٌ) ، أي : هذا كتاب ، (أُحْكِمَتْ آياتُهُ) ، قال ابن عباس : لم ينسخ بكتاب كما نسخت الكتب والشرائع به ، (ثُمَّ فُصِّلَتْ) ، بيّنت بالأحكام والحلال والحرام. وقال الحسن : أحكمت بالأمر والنهي ، ثم فصّلت بالوعد والوعيد. قال قتادة : أحكمت أحكمها الله فليس فيها اختلاف ولا تناقض. وقال مجاهد : فصلت أي : فسرت. وقيل : فصلت أي : أنزلت شيئا فشيئا ، (مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ).
(أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ اللهَ إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ (٢) وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتاعاً حَسَناً إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ (٣) إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٤) أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيابَهُمْ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (٥))
(أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللهَ) ، أي : وفي ذلك الكتاب أن لا تعبدوا إلّا الله ، ويكون محل (أن) رفعا. وقيل : محله خفض تقديره : بأن لا تعبدوا إلّا الله ، (إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ) ، أي : من الله (نَذِيرٌ) ، للعاصين ، (وَبَشِيرٌ) ، للمطيعين.
(وَأَنِ) ، عطف على الأول ، (اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ) ، أي : ارجعوا إليه بالطاعة. قال الفراء : (ثُمَ) هنا بمعنى الواو ، أي : وتوبوا إليه ، لأن الاستغفار هو التوبة والتوبة هي الاستغفار. وقيل : وأن استغفروا [ربكم في الماضي ثم توبوا](٢) إليه في المستأنف (يُمَتِّعْكُمْ مَتاعاً حَسَناً) ، يعيشكم عيشا حسنا في حفظ (٣) ودعة وأمن وسعة. قال بعضهم : العيش الحسن هو الرضى بالميسور والصبر على المقدور. (إِلى
__________________
(١) زيادة عن المخطوط.
(٢) زيادة عن المخطوط والعبارة في ط «أن استغفروا ربكم من المعاصي ...».
(٣) في المطبوع «خفض».