أكفّها إرادة أن لا تسرع ، وأبو سفيان آخذ بركابه ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أيّ عباس ناد أصحاب السّمرة» ، فقال عباس ، وكان رجلا صيتا : فقلت بأعلى صوتي : أين أصحاب السّمرة؟ قال : فو الله لكأن عطفتهم حين سمعوا صوتي عطفة البقر على أولادها ، فقالوا : يا لبّيك يا لبّيك ، قال : فاقتتلوا والكفار والدعوة في الأنصار يقولون : يا معشر الأنصار يا معشر الأنصار ، ثم قصرت الدعوة على بني الحارث بن الخزرج ، فنظر رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهو على بغلته كالمتطاول عليها إلى قتالهم ، فقال : «هذا حين حمي الوطيس» ، ثم أخذ رسول الله صلىاللهعليهوسلم حصيات فرمى بهنّ وجوه الكفار ، ثم قال : «انهزموا ورب محمد» ، فذهبت انظر فإذا القتال على هيئته فيما أرى ، قال : فو الله ما هو إلا أن رماهم بحصياته فما زلت أرى حدهم كليلا (١) ، وأمرهم مدبرا.
[١٠٤٤] وقال سلمة بن الأكوع : غزونا مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم حنينا قال : فلما غشوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم نزل عن البغلة ، ثم قبض قبضة من تراب الأرض ثم استقبل به وجوههم ، فقال (١) : «شاهت الوجوه» ، فما خلّى الله منهم إنسانا إلّا ملأ عينه ترابا بتلك القبضة ، فولّوا مدبرين ، فهزمهم الله عزوجل فقسم رسول الله صلىاللهعليهوسلم غنائمهم بين المسلمين.
قال سعيد بن جبير : أمدّ الله تعالى نبيّه صلىاللهعليهوسلم بخمسة آلاف من الملائكة مسوّمين.
[١٠٤٥] وفي الخبر : أن رجلا من بني نضر يقال له شجرة ، قال للمؤمنين بعد القتال : أين الخيل البلق والرجال الذين عليهم ثياب بيض ، ما كنّا نراكم فيهم إلّا كهيئة الشامة وما كنّا قتلنا (٢) إلا بأيديهم ، فأخبروا بذلك النبيّ صلىاللهعليهوسلم فقال : «تلك الملائكة».
[١٠٤٦] قال الزهري : وبلغني أن شيبة بن عثمان [بن طلحة](٣) قال : استدبرت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يوم حنين وأنا أريد قتله بطلحة بن عثمان (٤) وعثمان بن [أبي](٥) طلحة ، وكانا قد قتلا يوم أحد ، فأطلع الله رسوله صلىاللهعليهوسلم على ما في قلبي فالتفت إليّ وضرب في صدري وقال : «أعيذك بالله يا شيبة» ، فأرعدت (٦) فرائصي فنظرت إليه وهو أحب إليّ من سمعي وبصري ، فقلت : [أنا] أشهد أنك رسول الله ، وأن الله قد أطلعك على ما في نفسي ، فلما هزم الله المشركين وولّوا مدبرين ، انطلقوا حتى أتوا أوطاس وبها عيالهم وأموالهم ، فبعث رسول الله صلىاللهعليهوسلم رجلا من الأشعريين يقال له أبو عامر وأمّره على جيش المسلمين إلى أوطاس ، فسار إليهم فاقتتلوا ، وقتل (٧) دريد بن الصمة ، وهزم الله المشركين وسبى المسلمون عيالهم وهرب أميرهم مالك بن عوف النضري ، فأتى الطائف فتحصّن بها وأخذ ماله وأهله فيمن أخذ. وقتل أمير المسلمين أبو عامر.
__________________
(١) أي ما زلت أرى قوتهم ضعيفة.
[١٠٤٤] ـ صحيح. أخرجه مسلم ١٧٧٧ وابن حبان ٦٥٢٠ والبيهقي في «الدلائل» (٥ / ١٠٤) من طريق أبي خيثمة عن عمرو بن يونس عن عكرمة بن عمارة عن ابن سلمة بن الأكوع عن أبيه به.
[١٠٤٥] ـ لم أره مسندا ، ولا يصح ، إذ لم تقاتل الملائكة إلا يوم بدر.
[١٠٤٦] ـ هذا مرسل. وانظر «دلائل النبوة» للبيهقي (٥ / ١٢٨ و ١٤٥ ، ١٤٦) و «صحيح البخاري» ٤٣٢٣.
__________________
(١) في المخطوط «ثم قال».
(٢) في المطبوع «كنا قلنا» والتصويب عن المخطوط.
(٣) زيادة من المخطوط.
(٤) في المخطوط «أبي طلحة» بدل «عثمان».
(٥) زيادة عن المخطوط.
(٦) في المطبوع «فارتعدت» والمثبت عن المخطوط.
(٧) في المطبوع «وقيل» والتصويب عن المخطوط.