من قال : الجهاد هنا يكون بحفظ الحواس لله ، وبعدّ الأنفاس مع الله.
* * *
ويشير القرآن الكريم الى المجاهدة حين يقول في سورة القتال :
«وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَا أَخْبارَكُمْ»(١).
وعن طريق الابتلاء والامتحان ـ كما يعبر صاحب لطائف الاشارات ـ تتبين جواهر الرجال فيظهر المخلص ، ويفتضح المماذق (٢) ، وينكشف المنافق ، فالذين آمنوا وأخلصوا ، نجوا وتخلصوا ، والذين كفروا ونافقوا ، وقعوا في الهوان وأذلوا ، ووسموا بالشقاوة وقطعوا.
* * *
فاذا انتقلنا من روضة القرآن الحكيم الى روضة السنة النبوية وجدناها تعطي المجاهدة مكانتها وحقها ، فيروي ابن حنبل والترمذي قول الرسول عليه الصلاة والسلام : «المجاهد من جاهد نفسه». ويذكر الاصبهاني في «المفردات» حديثا يقول : «جاهدوا أهواءكم كما تجاهدون أعداءكم».
كما أن الرسول عليه صلوات الله وسلامه جعل الاحسان الى الوالدين والقيام بحقوقهما مجاهدة تنوب عن الجهاد في الميدان ، فقد روى البخاري قصة الفتى الذي أراد أن يخرج غازيا مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقال له الرسول : أحيّ والداك؟. قال الفتى : نعم.
__________________
(١) سورة محمد ، الآية ٣١.
(٢) المماذق : غير المخلص.