أي سوف تعلمون صدق ما أمرتكم به ، ونهيتكم عنه ، ونصحتكم وأوضحت لكم ، وستتذكرونه وتندمون حيث لا ينفع الندم ، وأتوكل على الله وأستعينه ، وأقاطعكم وأباعدكم ، وألتجىء الى الله ، فهو سبحانه بصير بعباده ، فيهدي من يستحق الهداية ، ويضل من يستحق الضلال.
ويعبر ابن جرير الطبري عن معنى الآية بقوله : «يقول تعالى ذكره مخبرا عن قول المؤمن من آل فرعون لفرعون وقومه : فستذكرون أيها القوم ـ اذا عاينتم عقاب الله قد حل بكم ، ولقيتم ما لقيتموه ـ صدق ما أقول ، وحقيقة ما أخبركم به من أن المسرفين هم أصحاب النار. وقوله «وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللهِ» يقول : واسلّم أمري الى الله ، وأجعله اليه ، وأتوكل عليه ، فانه الكافي من توكل عليه».
وهذه الآية الكريمة جاءت ـ كما أشرت ـ على لسان شخص مؤمن ، يسمى «مؤمن آل فرعون». ويقال انه كان ابن عم لفرعون ، وقيل ان اسمه «حبيب». وقيل غير ذلك. ولم يؤمن من آل فرعون سوى هذا الرجل ، وامرأة فرعون ، والرجل الآخر الذي قال : «يا مُوسى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ ....
وكان مؤمن آل فرعون يكتم ايمانه عن قومه ، فحينما قال فرعون : «ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسى» أخذت هذا الرجل غضبة في الله عزوجل «وأفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر» ، فقال : «أتقبلون رجلا أن يقول ربي الله»؟. وخوفهم وحذرهم ، وأرشدهم ونصح لهم ، ولكنهم أبوا الارتداع ، وأسرف فرعون في ضلاله وطغيانه ، فحفظ الله تعالى عبده المؤمن ، وأنزل بفرعون سوء العذاب ، وجعل مصيره ومصير قومه النار ، حيث يلقون العذاب الاليم.
وقد قص القرآن الكريم قصة هذا الرجل المؤمن ، ابتداء من الآية الثامنة والعشرين من سورة غافر ، وهي التي تقول :