لكم. ثم عوّل في دفع تخويفهم وكيدهم ومكرهم على فضل الله تعالى ، فقال : وأفوض أمري الى الله. وهو انما تعلم هذه الطريقة من موسى عليهالسلام ، فان فرعون لما خوّفه بالقتل رجع موسى في دفع ذلك الشر الى الله ، حيث قال : اني عذت بربي وربكم من كل متكبر لا يؤمن بيوم الحساب ...
ثم قال : ان الله بصير بالعباد ، أي عالم بأحوالهم وبمقادير حاجاتهم».
ونتساءل : متى فوض هذا المؤمن من آل فرعون أمره الى الله جل جلاله؟
انه لم يفوض أمره الى ربه تواكلا أو تكاسلا ، ولم يفوضه على سبيل الضعف والعجز ، ولا على سبيل الفرار من التبعة والتخلص من الواجب ، وانما فوض أمره الى ربه بعد أن قام بواجبه ، وبذل جهده ، واستنفد وسعه ، وبعد ان دعاهم الى النجاة وحذرهم النار ، وتعرض بسبب ذلك لمخاوف العدوان من هؤلاء الاعداء ، حتى لقد خاف أن يقتلوه ، ولكن ذلك لم يمنعه أن يصدع بكلمة الحق عالية ، وهذا أحد المفسرين يصور ذلك بقوله : «ويستنكر الرجل المؤمن أن يدعوهم الى النجاة فيدعونه الى النار ، فيهتف بهم في استنكار : «يا قَوْمِ ، ما لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ»؟.
وهم لم يدعوه الى النار ، انما دعوه الى الشرك ، وما الفرق بين الدعوة الى الشرك والدعوة الى النار؟ انها قريب من قريب ، فهو يبدل الدعوة بالدعوة في تعبيره في الآية التالية : «تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللهِ وَأُشْرِكَ بِهِ ما لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ ، وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ».
وشتان بين دعوة ودعوة ، ان دعوته لهم واضحة مستقيمة ، انه