فيقول : ان الطائر اذا أراد أن يهبط من أعلى الى أدنى كسر جناحه وخفضه ، واذا أراد أن ينهض للطيران رفع جناحه ونشره ، فجعل القرآن الكريم خفض جناحه عند النزول أو الهبوط مثلا في التواضع ولين الجانب ، ومنه قول بعضهم مادحا :
وأنت الشهير بخفض الجناح |
|
فلا تك في رفعه أجدلا |
وهو ينهى ممدوحه هنا عن التكبر بعد التواضع. والاجدل الصقر.
وهذا المعنى الاخلاقي لخفض الجناح يذكّرنا بقول الحديث : «ان الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضى بما يصنع». أي تتواضع معه تعظيما لحقه ، أو تضعها وطاء له اذا مشى ، وهذا كناية عن التوقير والتكريم.
ولقد ذكر القرآن المجيد فضيلة «خفض الجناح» في ثلاثة مواطن : الاول في سورة الحجر حيث يقول :
«لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ ، وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ ، وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ»(١).
والموطن الثاني في سورة الاسراء حيث يقول :
«وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ، وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُما أَوْ كِلاهُما فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُما وَقُلْ لَهُما قَوْلاً كَرِيماً ، وَاخْفِضْ لَهُما
__________________
سورة الحجر ، الآية ٨٨.