خفض الجناح ولين المعاملة. كان يلقي بأذنه الى من يحدثه ، فلا ينصرف عنه حتى يتم المتحدث ما يريد من حديث وان طال ، وكان اذا صافحه أحد لم ينزع يده من يد مصافحه حتى يكون المصافح هو الذي ينزع ، وكان لا يقطع على أحد حديثه ، وكان يحسن لقاء من يسعى اليه فكأنه أقرب الناس اليه ، وكان يبسط رداءه لضيفه حتى يجلس عليه ، واذا غاب عنه أحد أصحابه سأل عنه ، فان كان مسافرا دعا له ، وان كان مريضا عاده.
وجاء في «لطائف الاشارات» أنه كان اذا استعانت به الجارية في الشفاعة الى مواليها مضى معها مستجيبا لها ، وكان يخدم أهله في بيته ، وسئلت السيدة عائشة : ما كان النبي صلىاللهعليهوسلم يصنع في بيته؟. فقالت : كان يكون في مهنة أهله ، فاذا حضرت الصلاة خرج اليها ، وتولى خدمة الوفد بنفسه ، وقال : سيد القوم خادمهم!.
ولقد روي أن أحد الأعراب جاء الرسول يطلب منه احسانا ، فأعطاه وقال له : هل أحسنت اليك؟.
فأجاب الأعرابي بخشونة : لا أحسنت ولا أجملت!.
فغضب الصحابة وهموا بتأديب الرجل ، ولكن الرسول أمرهم أن يكفوا عن ذلك ، ثم قام فدخل بيته ، ودعا بالاعرابي فزاده ثم سأله : هل أحسنت اليك؟.
فتأثر الأعرابي فقال : نعم ، فجزاك الله من أهل وعشيرة خيرا.
فقال له الرسول : انك قلت ما قلت آنفا ، وفي نفس أصحابي من ذلك شيء ، فان أحببت فقل بين أيديهم ما قلت حتى يذهب ما في صدورهم عليك.
أجاب الأعرابي : أفعل.