«ان الله يحب الرفق في الامر كله».
«من يحرم الرفق يحرم الخير كله».
«أيما وال ولي فرفق ولان رفق الله تعالى به يوم القيامة».
«تدرون من يحرم على النار يوم القيامة؟. كل هيّن ليّن سهل قريب».
وهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يذكّر الولاة الرعاة بخفض الجناح للناس فيقول لهم : «أيها الرعاة ، ان للرعية عليكم حقا ، فاعلموا أنه لا شيء أحب الى الله ولا أعز من حلم امام ورفقه».
ونصح علي بن أبي طالب رضي الله عنه بعض ولاته فيما يتعلق بمعاملة الناس فقال له : «فالبس لهم جلبابا من اللين ، تشوبه (تمزجه) بطرف من الشدة ، وداول بين القسوة والرأفة ، وامزج لهم بين التقريب والادناء ، والابعاد والاقصاء».
كما نصح لوال آخر فقال : «فاستعن بالله على ما أهمك ، واخلط الشدة بضغث (أي بجانب) من اللين ، وارفق ما كان الرفق أرفق ، واعتزم بالشدة حين لا يغني عنك الا الشدة ، واخفض للرعية جناحك ، وابسط لهم وجهك ، وألن لهم جانبك ، وآس بينهم (عاملهم بالتساوي) في اللحظة والنظرة ، والاشارة والتحية ، حتى لا يطمع العظماء في حيفك ، ولا ييأس الضعفاء من عدلك».
وهذه الكلمات من الخليفتين الراشدين تبين لنا أن خفض الجناح ليس استسلاما ولا هوانا ولا تدليلا ، وانما هو استعمال اللين في مواطنه ، والرفق في مواضعه ، مع مزج ذلك بالحزم ، فان الأمر كما قال الأول :
فقسا ليزدجروا ، ومن يك حازما |
|
فليقس أحيانا على من يرحم |