القتيل منكم ، فوهب لي ربي نبوة ـ وهي الحكم ـ وألحقني بعداد من أرسلهم الى خلقه ، مبلغا عنه رسالته اليهم ، بارساله اياي اليك يا فرعون.
والفرار كما قالوا نوعان : فرار السعداء وفرار الاشقياء ، ففرار السعداء الى الله ، كما قال الله تعالى : «ففروا الى الله». وفرار الاشقياء ، وهو والعياذ بالله فرار من الله لا الى الله ، وهؤلاء هم أصحاب العاقبة السيئة وبئس المصير. وقد قال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما في شأن الفارين السعداء : فروا من الله الى الله وعملوا بطاعته ، أي هربوا من عذاب الله الى ثوابه بالايمان والطاعة.
وقال سهل بن عبد الله عنهم : فروا مما سوى الله الى الله عزوجل.
وقد تحدث ابن القيم عن فضيلة «الفرار الى الله» في كتابه «مدارج السالكين» عن درجات الفرار الى الله فجعلها ثلاث درجات :
الاولى : فرار العامة من الجهل الى العلم عقدا وسعيا ، أي اعتقادا وسعيا ونفعا بالعمل الصالح ، والجهل هو عدم العلم بالحق النافع ، وعدم العمل بموجبه ومقتضاه ، وقد قال قتادة : أجمع أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن كل ما عصي الله به فهو جهالة.
ويشمل هذا الفرار الفرار من داعي الكسل الى التشمير بالجد وصدق العمل ، واخلاصه من شوائب الفتور والتهاون ، ويشمل هذا الفرار أيضا الفرار من ضيق الصدر بالهموم والاحزان والمخاوف الى سعة الثقة بالله ، وحسن الرجاء لجميل صنعه ولطفه وبره ، فالله تعالى يجعل لمتقيه من كل ضيق مخرجا ، فانه كلما كان العبد حسن الظن بالله ، حسن الرجاء فيه. صادق التوكل عليه ، فان الله لا يخيب أمله فيه البتة ، فانه سبحانه لا يخيب أمل آمل ، ولا يضيع عمل عامل.
الثانية : فرار الخاصة وهو الفرار من ظواهر العلم والعمل الى حقائق