«وَالَّذِينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ راعُونَ» (١).
وقد جاءت الآية في مجال التعداد لصفات المؤمنين. يقول ابن كثير عنها : «اذا اؤتمنوا لم يخونوا ، بل يؤدونها الى أهلها ، واذا عاهدوا أو عاقدوا أوفوا بذلك ، لا كصفات المنافقين الذين قال فيهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم : آية المنافق ثلاث : اذا حدث كذب ، واذا وعد أخلف ، واذا اؤتمن خان.
وقد تكررت الآية السابقة في سورة «المعارج» (٢) وعندها رجع ابن كثير الى تأكيد المعنى بقوله : أي اذا اؤتمنوا لم يخونوا ، واذا عاهدوا لم يغدروا ، وهذه صفات المؤمنين ، وضدها صفات المنافقين. كما ورد في الحديث الصحيح : آية المنافق ثلاث : اذا حدث كذب ، واذا وعد أخلف واذا اؤتمن خان. وفي رواية : اذا حدث كذب ، واذا عاهد غدر ، واذا خاصم فجر.
وحينما وردت الآية السابقة أولا في سورة المؤمنون علق عليها صاحب تفسير في ظلال القرآن بقوله : «والامانات كثيرة في عنق الفرد وعنق الجماعة ، وفي أولها أمانة الفطرة ، وقد فطرها الله مستقيمة متناسقة مع ناموس الوجود الذي هي منه واليه ، شاهدة بوجود الخالق ووحدانيته ، بحكم احساسها الداخلي بوحدة الناموس الذي يحكمها ويحكم الوجود ، ووحدة الارادة المختارة لهذا الناموس المدبرة لهذا الوجود.
والمؤمنون يرعون تلك الامانة الكبرى ، فلا يدعون فطرتهم تنحرف عن استقامتها ، فتظل قائمة بأمانتها شاهدة بوجود الخالق ووحدانيته ، ثم تأتي سائر الامانات تبعا لتلك الامانة الكبرى.
__________________
(١) سورة المؤمنون ، الآية ٨.
(٢) سورة المعارج ، الآية ٣٢.