والعهد الاول هو عهد الفطرة كذلك. هو العهد الذي قطعه الله على فطرة البشر بالايمان بوجوده وتوحيده ، وعلى هذا العهد الاول تقوم جميع العهود والمواثيق ، فكل عهد يقطعه المؤمن يجعل الله شهيدا عليه فيه ، ويرجع في الوفاء به الى تقوى الله وخشيته.
والجماعة المسلمة مسؤولة عن أماناتها العامة ، مسؤولة عن عهدها مع الله تعالى ، وما يترتب على هذا العهد من تبعات ، والنص يجمل التعبير ، ويدعه يشمل كل أمانة وكل عهد ، ويصف المؤمنين بأنهم لاماناتهم وعهدهم واعون ، فهي صفة دائمة لهم في كل حين ، وما تستقيم حياة الجماعة الا أن تؤدى فيها الامانات ، وترعى فيها العهود ، ويطمئن كل ما فيها الى هذه القاعدة الاساسية للحياة المشتركة ، الضرورية لتوفير الثقة والامن والاطمئنان».
وحينما وردت الآية نفسها في سورة «المعارج» أورد صاحب «الظلال» هذه الكلمات : «هذه من القوائم الاخلاقية التي يقيم الاسلام عليها نظام المجتمع ، ورعاية الامانات والعهود في الاسلام تبدأ من رعاية الامانة الكبرى التي عرضها الله على السماوات والارض والجبال ، فأبين أن يحملنها وأشفقن منها ، وحملها الانسان ، وهي أمانة العقيدة والاستقامة عليها اختيارا لا اضطرارا. ومن رعاية العهد الاول المقطوع على فطرة الناس وهم بعد في الاصلاب ان الله ربهم الواحد ، وهم بخلقهم على هذا العهد شهود. ومن رعاية تلك الامانة وهذا العهد تنبثق رعاية سائر الامانات والعهود في معاملات الارض. وقد شدد الاسلام في الامانة والعهد ، وكرر وأكد ، ليقيم المجتمع على أسس متينة من الخلق والثقة والطمأنينة ، وجعل رعاية الامانة والعهد سمة النفس المؤمنة ، كما جعل خيانة الامانة واخلاف العهد سمة النفس المنافقة والكافرة. وردد هذا في مواضع شتى من القرآن والسنة لا تدع مجالا للشك في أهمية هذا الامر البالغة في