فحب الزينة أعظم أسباب العمران ، واظهار استعداد الانسان لمعرفة سنن الله وآياته في الاكوان ، فهي غير مذمومة في نفسها ، انما يذم الاسراف فيها ، والغفلة عن شكر المنعم بها ، ومن الاسراف فيها جعلها شاغلة عن عبادة الله تعالى. وعن سائر معالي الامور والكمالات الانسانية ، من علمية أو عملية أو اجتماعية ، دنيوية كانت أو أخروية».
والله تبارك وتعالى يحدثنا عن الزينة ويحببنا فيها عند وجودنا في المواطن المناسبة لها ، ويحثنا على التمتع بالطيبات ، ويقرر أنها من صفات المؤمنين ، ويدعو بني آدم جميعا الى هذا التزين والتمتع فيقول في سورة الاعراف :
«يا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ، قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا خالِصَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ» (١).
فهو سبحانه وتعالى يحببنا في التزين بالثياب الحسنة والمظهر الجميل ، عند دخول المساجد للصلوات ، وفي صلاة الجماعة والجمعة والعيدين ، ويقول رشيد رضا في ذلك : «التجمل بزينة اللباس اللائق عند الصلاة ـ ولا سيما صلاة الجمعة والجماعة وفي العيدين ـ سنة لا واجب. ولكن اطلاق الامر يدل على وجوب الزينة للعبادة عند كل مسجد ، بحسب عرف الناس في تزينهم المعتدل في المجامع والمحافل ، ليكون المؤمن عند عبادة
__________________
(١) سورة الاعراف ، الآية ٣١ و ٣٢.