ثمود ، وهي قبيلة من العرب (أَخاهُمْ صالِحاً قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ) أي كوّنكم منها وحده ، فإنه خلق آدم ، ومواد النطف التي خلق نسله منها ، من التراب (وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيها) أي عمّركم فيها ، أو جعلكم عمّارها ، أي جعلكم قادرين على عمارتها ، كقوله تعالى في الأعراف : (وَبَوَّأَكُمْ فِي الْأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِها قُصُوراً وَتَنْحِتُونَ الْجِبالَ بُيُوتاً) [الأعراف : ٧٤] ، (فَاسْتَغْفِرُوهُ) أي من الشرك ، (ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ) بالتوحيد (إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ) أي قريب الرحمة لمن استغفره ، مجيب دعاءه بالقبول.
القول في تأويل قوله تعالى :
(قالُوا يا صالِحُ قَدْ كُنْتَ فِينا مَرْجُوًّا قَبْلَ هذا أَتَنْهانا أَنْ نَعْبُدَ ما يَعْبُدُ آباؤُنا وَإِنَّنا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ مُرِيبٍ) (٦٢)
(قالُوا يا صالِحُ قَدْ كُنْتَ فِينا مَرْجُوًّا قَبْلَ هذا) أي كانت تلوح فيك مخايل الخير ، وأمارات الرشد ، فكنا نرجوك لننتفع بك ، وتكون مشاورا في الأمور ، ومسترشدا في التدابير ، فلما نطقت بهذا القول انقطع رجاؤنا عنك ، وعلمنا أن لا خير فيك. كذا في (الكشاف).
(أَتَنْهانا أَنْ نَعْبُدَ ما يَعْبُدُ آباؤُنا) أي من الأوثان (وَإِنَّنا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ) أي من التوحيد (مُرِيبٍ) أي موقع في الريبة ، وهي قلق النفس ، وانتفاء الطمأنينة :
القول في تأويل قوله تعالى :
(قالَ يا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتانِي مِنْهُ رَحْمَةً فَمَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللهِ إِنْ عَصَيْتُهُ فَما تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ) (٦٣)
(قالَ يا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ) أي أخبروني (إِنْ كُنْتُ عَلى بَيِّنَةٍ) أي حجة ظاهرة ، وبرهان وبصيرة (مِنْ رَبِّي وَآتانِي مِنْهُ رَحْمَةً) أي هداية ونبوة ، (فَمَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللهِ) أي ينجيني من عذابه (إِنْ عَصَيْتُهُ) أي بالمجاراة معكم في أهوائكم ، (فَما تَزِيدُونَنِي) أي باستتباعكم إياي (غَيْرَ تَخْسِيرٍ) أي غير أن تجعلوني خاسرا تعريضي لسخط الله. أو فما تزيدونني ، بما تقولون إلا تبصرة بكم بأن أنسبكم إلى الخسران.