تلك الحركات وأما الأجرام الكوكبية : فتارة يستدل على وجود الصانع بمقاديرها وأحيازها وحركاتها ، وتارة بألوانها وأضوائها ، وتارة بتأثيراتها في حصول الأضواء والأظلال ، والظلمات والنور.
وأما الدلائل المأخوذة من الأجرام العنصرية : فإما أن تكون مأخوذة من بسائط ، وهي عجائب البر والبحر ، وإما من المواليد وهي أقسام :
أحدها ـ الآثار العلوية ، كالرعد والبرق والسحاب والمطر والثلج والهواء وقوس قزح.
وثانيها ـ المعادن على اختلاف طبائعها وصفاتها وكيفياتها.
ثالثها ـ النبات وخاصية الخشب والورق والتمر ، واختصاص كل واحد منها بطبع خاص وطعم خاص ، وخاصية مخصوصة.
ورابعها ـ اختلاف أحوال الحيوانات في أشكالها وطبائعها وأصواتها وخلقتها.
وخامسها ـ تشريح أبدان الناس ، وتشريح القوى الإنسانية ، وبيان المنفعة الحاصلة فيها.
فهذه مجامع الدلائل.
ومن هذا الباب أيضا قصص الأولين ، وحكايات الأقدمين ، وأن الملوك إذا استولوا على الأرض وخربوا البلاد ، وقهروا العباد ، ماتوا ولم يبق منهم في الدنيا خبر ولا أثر ، ثم بقي الوزر والعقاب.
ولما كان العقل البشريّ لا يفي بالإحاطة بشرح دلائل العالم الأعلى والأسفل ، ذكر في الكتاب العزيز مجملا. انتهى.
وقوله تعالى :
القول في تأويل قوله تعالى :
(وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ إِلاَّ وَهُمْ مُشْرِكُونَ) (١٠٦)
(وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ) أي : الناس ، أو أهل مكة ، (بِاللهِ) أي في إقرارهم بوجوده وخالفيته (إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ) أي : بعبادتهم لغيره ، وباتخاذهم الأحبار والرهبان أربابا ، وبقولهم باتخاذه تعالى ولدا. سبحانه وتعالى عما يقولون علوا كبيرا.
تنبيه :
كما تدل الآية على النعي عليهم بالشرك الأكبر ، وهو أن يعبد مع الله غيره.