حين استكفائهم إياهم ما أهمهم بلسان الاضطرار في عدم الشعور فضلا عن الاستطاعة للاستجابة ، وبقائهم لذلك في الخسران ـ بحال ماء بمرأى من عطشان باسط كفيه إليه يناديه عبارة وإشارة. فهو لذلك في زيادة ظمأ وشدة خسران! والتشبيه على هذا من المركب التمثيلي في الأصل ، أبرز في معرض التهكم حيث أثبت للماء استجابة ، زيادة في التخسير والتحسير. فالاستثناء مفرغ من أعم عام المصدر ، أي : لا يستجيبون شيئا من الاستجابة والضمير في (هو) للماء و (بالغه) للفم ، وقيل : الأول للباسط والثاني للماء. وبسط الكف : نشر الأصابع ممدودة كما في قوله :
تعوّد بسط الكفّ حتى لو أنّه |
|
أراد انقباضا لم تطعه أنامله |
(وَما دُعاءُ الْكافِرِينَ) أي : عبادتهم والتجائوهم لآلهتهم (إِلَّا فِي ضَلالٍ) أي : في ضياع لا منفعة فيه لعدم إمكان إجابتهم.
وقوله تعالى :
القول في تأويل قوله تعالى :
(وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَظِلالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ) (١٥)
(وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَظِلالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ) إخبار عن عظمته تعالى وسلطانه الذي قهر كل شيء ، بأنه يقاد لجلاله وإرادته وتصريفه المكونات بأسرها من أهل الملإ الأعلى والأسفل ، طائعين وكارهين لا يقدرون أن يمتنعوا عليه ، وكذا تنقاد له تعالى ظلالهم حيث تتصف على مشيئته في الامتداد والتقلص والفيء والزوال! وقوله (بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ) إما ظرف ل (يسجد) والباء بمعن (في) والمراد بهما الدوام لأنه يذكر مثله للتأييد وإما حال من (الظلال) والمراد ما ذكر. أو يقال التخصيص لأن امتدادها وتقلّصها فيهما أظهر. هذا ما جرى عليها الأكثر في معنى (السجود) فيكون استعارة للانقياد المذكور ، أو مجازا مرسلا لاستعماله في لازم معناه ، لأن الانقياد مطلقا ، لازم للسجود.
وفي (تنوير الاقتباس) : تأويل السجود بالصلاة والعبادة وجعل (طوعا وكرها) نشرا على ترتيب اللف. قال (طوعا) أهل السماء من الملائكة لأن عبادتهم بغير مشقة و (كرها) أهل الأرض لأن عبادتهم بالمشقة ، ثم قال. ويقال (طوعا) لأهل الإخلاص و (كرها) لأهل النفاق. ثم قال : (وظلالهم) يعني وظلال من يسجد لله