النبيّ صلىاللهعليهوسلم قرأ على الوليد بن المغيرة هذه الآية فقال له : يا ابن أخي! أعد عليّ. فأعادها. فقال له الوليد : والله إن له لحلاوة ، وإن عليه لطلاوة ، وإن أعلاه لمثمر ، وإن أسفله لمغدق ، وما هو بقول البشر.
وقد نقل أن بني أمية كانوا يسبّون عليّا ، كرم الله وجهه ، في خطبهم. فلما آلت الخلافة إلى عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه ، أسقط ذلك منها وأقام هذه الآية مقامه. وهو من أعظم مآثره.
قال الناصر : ولعل المعوض بهذه الآية عن تلك الهنات ، لا حظ التطبيق بين ذكر النهي عن البغي فيها ، وبين الحديث الوارد في أن المناصب لعليّ باغ. حيث يقول صلىاللهعليهوسلم (١) لعمار(وكان من حزب عليّ) : تقتلك الفئة الباغية. فقتل مع علي يوم صفين. انتهى.
ولما فيها أيضا من العدل والإحسان إلى ذوي القربى ، وكونها أجمع آية لاندراج ما ذكر فيها. والله أعلم.
ثم بين تعالى أمره بالوفاء بالعهد والميثاق ، والمحافظة على الأيمان المؤكدة ، بقوله :
القول في تأويل قوله تعالى :
(وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللهِ إِذا عاهَدْتُمْ وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمانَ بَعْدَ تَوْكِيدِها وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ) (٩١)
(وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللهِ إِذا عاهَدْتُمْ وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمانَ بَعْدَ تَوْكِيدِها وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً ، إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ).
روى ابن جرير عن بريدة قال : نزلت في بيعة النبيّ صلىاللهعليهوسلم. كان من أسلم بايع النبيّ على الإسلام ، فأمروا بالوفاء بهذه البيعة وأن لا ينقضوها بعد توكيدها بالأيمان. أي لا يحملنكم قلة المؤمنين وكثرة المشركين أن تنقضوا البيعة التي بايعتم على الإسلام. وظاهر أن العهد يتناول كل أمر يجب الوفاء بمقتضاه ، مما يلتزمه المرء باختياره. كالمبايعة على الإسلام. وعهد الجهاد وما التزمه من نذر وما أكده بحلف.
__________________
(١) أخرجه البخاريّ في : الصلاة ، ٦٣ ـ باب التعاون في بناء المسجد ، حديث رقم ٢٩٥.
وأخرجه مسلم في : الفتن وأشراط الساعة ، حديث رقم ٧٠.