(أَتَقُولُونَ عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ) توبيخ وتقريع على جهلهم. قال الزمخشريّ : لما نفى عنهم البرهان ، جعلهم غير عالمين ، فدلّ على أن كل قول لا برهان عليه لقائله ، فذاك جهل وليس بعلم.
وقال أبو السعود : فيه تنبيه على أن كل مقالة لا دليل عليها ، فهي جهالة ، وأن العقائد لا بد لها من برهان قطعيّ ، وأن التقليد بمعزل من الاعتداد به.
القول في تأويل قوله تعالى :
(قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ (٦٩) مَتاعٌ فِي الدُّنْيا ثُمَّ إِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذابَ الشَّدِيدَ بِما كانُوا يَكْفُرُونَ) (٧٠)
(قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ) باتخاذ الولد ، وإضافة الشركاء (لا يُفْلِحُونَ) أي لا يفوزون بمطلوب أصلا (مَتاعٌ فِي الدُّنْيا) مبتدأ خبره محذوف أي لهم تمتع يسير في الدنيا (ثُمَّ إِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ) أي الموت (ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذابَ الشَّدِيدَ بِما كانُوا يَكْفُرُونَ) أي بسبب كفرهم. والآية لبيان أن ما يتراءى من فوزهم بالحظوظ الدنيوية ، بمعزل من أن يكون من جنس الفلاح. كأنه قيل : كيف لا يفلحون وهم في غبطة ونعيم؟ فقيل : هو متاع يسير في الدنيا. وليس بفوز بالمطلوب.
وقوله تعالى :
القول في تأويل قوله تعالى :
(وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ إِنْ كانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقامِي وَتَذْكِيرِي بِآياتِ اللهِ فَعَلَى اللهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكاءَكُمْ ثُمَّ لا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلا تُنْظِرُونِ) (٧١)
(وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ) أي خبره الذي له شأن وخطر ، مع قومه المغترين بعزة الأموال والأعوان ، ليتدبروا ما فيه من صحة توكله على الله ، ونظره إلى قومه ، بعين عدم المبالاة بهم ، وبمكايدهم ، وزوال ما تمتعوا به من النعيم ، بإغراقهم بالطوفان ، فلعلهم يكفّون عن كفرهم ، وتلين أفئدتهم ويستيقنون صحة نبوتك (إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ إِنْ كانَ كَبُرَ) أي شق وثقل (عَلَيْكُمْ مَقامِي) أي مكاني ، يعني نفسه ، أو مكثي بين أظهركم مددا طوالا ، ألف سنة إلا خمسين عاما أو قيامي بالدعوة إلى الله ، من