القول في تأويل قوله تعالى :
(وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللهِ فَتَكُونَ مِنَ الْخاسِرِينَ) (٩٥)
(وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللهِ فَتَكُونَ مِنَ الْخاسِرِينَ) هو أيضا من باب التهييج والإلهاب والتثبيت ، وأجرى بعضهم هاهنا قاعدة ، فقال : النهي عن كل شيء ، إن كان لمن تلبس به فمعناه تركه ، وإن كان لغيره فمعناه الثابت على عدمه ، وألا يصدر منه في المستقبل كما هنا ـ انتهى ـ أو يأتي الوجهان الأخيران قبل هنا أيضا.
القول في تأويل قوله تعالى :
(إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ (٩٦) وَلَوْ جاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ) (٩٧)
(إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ) أي قوله الكريم ، وأمره بعذابهم ، كما قال :
(وَلكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) [السجدة : ١٣].
(لا يُؤْمِنُونَ ، وَلَوْ جاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ) أي كدأب آل فرعون وأضرابهم. أي : وعند رؤية العذاب يرتفع التكليف ، فلا ينفعهم إيمانهم.
القول في تأويل قوله تعالى :
(فَلَوْ لا كانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَها إِيمانُها إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنا عَنْهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَمَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ) (٩٨)
(فَلَوْ لا كانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ) أي فهلا كانت قرية من القرى المهلكة آمنت قبل معاينة العذاب ، ولم تؤخر إيمانها إلى حين معاينته ، كما فعل فرعون ، وفي هذا التخصيص معنى التوبيخ ، (فَنَفَعَها إِيمانُها) بأن يقبله الله منها ، ويكشف عنها بسببه العذاب. (إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ) أي لكنّ قومه (لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنا عَنْهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَمَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ) أي إلى آجالهم.
هذا ، وقد جوز أن تكون الجملة في معنى النفي ، لتضمن حرف التحضيض معناه ، فيكون الاستثناء متصلا ، لأن المراد من القرى أهاليها ، كأنه قال : ما آمن أهل