هذا الكشف لم يكن لأمة من الأمم إلا لقوم يونس خاصة ، فإنه لم يقع بهم العذاب ، وإنما رأوا علامته.
الثاني ـ في الآية إشارة إلى أنه لم يوجد قرية آمنت بأجمعها بنبيها المرسل إليها من سائر القرى ، إثر بعثته وإنذاره ، إلا قوم يونس. والبقية دأبهم التكذيب ، وكلهم أو أكثرهم ، كما قال تعالى : (وَكَذلِكَ ما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قالَ مُتْرَفُوها إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُقْتَدُونَ) [الزخرف : ٢٣].
وفي الحديث الصحيح (١) : عرض عليّ الأنبياء ، فجعل النبيّ يمر ومعه الفئام من الناس ، والنبيّ معه الرجل ، والنبيّ معه الرجلان ، والنبيّ ليس معه أحد.
الثالث ـ اخرج ابن أبي حاتم عن عليّ رضي الله عنه : قال : إن الحذر ، لا يرد القدر ، وإن الدعاء يرد القدر ، وذلك في كتاب الله : (إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنا ...) الآية ـ.
وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس قال : الدعاء يرد القضاء ، وقد نزل من السماء. اقرءوا إن شئتم : (إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ ...) الآية.
وأخرج ابن مردويه عن عائشة ، مرفوعا ، في قوله تعالى : (إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا) قال عليهالسلام : دعوا ـ كذا في الإكليل ـ.
وقوله تعالى :
القول في تأويل قوله تعالى :
(وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) (٩٩)
(وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ) أي بحيث لا يشذ عنهم أحد (جَمِيعاً) أي مجتمعين على الإيمان ، لا يختلفون فيه. أي : لكنه لا يشاؤه لمخالفته للحكمة التي بنى عليها أساس التكوين والتشريع (أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ) أي على ما لم يشأ الله منهم (حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) أي ليس ذلك عليك ، ولا إليك ، كقوله تعالى :
__________________
(١) أخرجه البخاريّ في : الطب ، ٤٢ ـ باب من لم يرق ، حديث ١٦٠٥ ومسلم في : الإيمان ، حديث ٣٧٤ ، عن ابن عباس.