بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
القول في تأويل قوله تعالى :
(الر كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ) (١)
(الر) تقدم الكلام على مثلها في أول سورة البقرة فليتذكر.
(كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ) أي نظمت نظما رصينا محكما معجزا ، وأثبتت دائمة على حالها لا تتبدل ولا تتغير ولا تفسد ، محفوظة عن كل نقص وآفة (ثُمَّ فُصِّلَتْ) أي لأنواع من دلائل التوحيد والأحكام والمواعظ والقصص ، كما تفصل القلائد بالفرائد. أو جعلت فصولا سورة سورة ، وآية آية ، أو فصل فيها ما يحتاج إليه العباد ، أي : بيّن ولخّص.
قيل : (ثم) هنا للتراخي في الحكم ، أي الرتبة أو التراخي بين الإخبارين ، لا للتراخي في الوقت ، لأن التفصيل والإحكام صفتان لشيء واحد ، لا تنفك إحداهما عن الأخرى ، فليس بينهما ترتب وتراخ ، وهذا التكلف ، على أن (ثم) تقتضي الترتيب ، وقد خالف قوم في اقتضائها إياه ، كما حكاه في (المغني).
(مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ) أي إحكامها وتفصيلها من لدن حكيم بناها على علم وحكمة ، لا يمكن أحسن منها ، وأشد إحكاما. وخبير بتفاصيلها على ما ينبغي في النظام الحكمي في تقديرها وتوقيتها وترتيبها ـ قاله القاشاني ـ.
قال الزمخشري : وفيه طباق حسن ، لأن المعنى أحكمها حكيم وفصلها ، أي بيّنها وشرحها خبير عالم بكيفيات الأمور.
القول في تأويل قوله تعالى :
(أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ اللهَ إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ) (٢)
(أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللهَ) قال القاشاني : أي تنطق عليكم بلسان الحال والدلالة ، ألا تشركوا بالله في عبادته ، وخصوه بالعبادة.
وقال الزمخشري : (أَلَّا) مفعول له ، أي لئلا. أو (أن) مفسرة ، لأن في تفصيل