القول في تأويل قوله تعالى :
(وَما يَسْتَوِي الْبَحْرانِ هذا عَذْبٌ فُراتٌ سائِغٌ شَرابُهُ وَهذا مِلْحٌ أُجاجٌ وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَها وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَواخِرَ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (١٢)
(وَما يَسْتَوِي الْبَحْرانِ هذا عَذْبٌ فُراتٌ) أي شديد العذوبة (سائِغٌ شَرابُهُ وَهذا مِلْحٌ أُجاجٌ) أي قويّ الملوحة (وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيًّا) يعني السمك (وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَها) أي زينة تتحلّون بها. كما قال تعالى : (يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ) [الرحمن : ٢٢]. (وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَواخِرَ) أي تمخر الماء وتشقه بجريها (لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ) أي بالتنقل فيها (وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ).
القول في تأويل قوله تعالى :
(يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ ما يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ) (١٣)
(يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى) يعني مدة دوره ، أو منتهاه ، أو يوم القيامة (ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ ، وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ ما يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ) أي فإنّى يستأهلون العبادة. و (القطمير) لفافة النواة. وهو مثل في القلة والحقارة.
القول في تأويل قوله تعالى :
(إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ) (١٤)
(إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعاءَكُمْ) لأنهم جماد (وَلَوْ سَمِعُوا) أي على الفرض (مَا اسْتَجابُوا لَكُمْ) أي لعدم قدرتهم على النفع (وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ) أي يقرون ببطلانه ، وأن لا أمر لهم فيه (وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ) أي لا يخبرك بالأمر مخبر ، مثل خبير عظيم أخبرك به. وهو الحق سبحانه. فإنه الخبير بكنه الأمور دون سائر المخبرين. والمراد تحقيق ما أخبر به من حال آلهتهم ، ونفي ما يدعون لهم من الإلهية.