سمي الخيل خيرا كأنها نفس الخير ، لتعلق الخير بها. قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم (١) : الخيل معقود بنواصيها الخير إلى يوم القيامة ، وقال في زيد الخيل حين وفد عليه وأسلم : ما وصف لي رجل فرأيته ، إلا كان دون ما بلغني ، إلا زيد الخيل ، وسماه زيد الخير ، وسأل رجل بلالا رضي الله عنه عن قوم يستبقون ، من السابق؟ فقال : رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال له الرجل : أردت الخيل. فقال : وأنا أردت الخير. (حَتَّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ) أي غربت الشمس. متعلق بقوله تعالى : (أَحْبَبْتُ) وفيه استعارة تصريحية أو مكنية لتشبيه الشمس بامرأة حسناء ، أو ملك. وباء (بِالْحِجابِ) للظرفيّة ، أو الاستعانة أو الملابسة.
القول في تأويل قوله تعالى :
(رُدُّوها عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَالْأَعْناقِ) (٣٣)
(رُدُّوها عَلَيَ) يعني الصافنات. وهذا من مقول القول ، فلا حاجة إلى تقدير قول آخر (فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَالْأَعْناقِ) أي فجعل يمسح مسحا ، أي يمسح بالسيف بسوقها وأعناقها ، يعني يقطعها.
تنبيه :
قال ابن كثير : ذكر غير واحد من السلف والمفسرين أن سليمان عليهالسلام اشتغل بعرض الخيل حتى فات وقت صلاة العصر ، والذي يقطع به أنه لم يتركها عمدا بل نسيانا ، كما شغل النبيّ صلىاللهعليهوسلم يوم الخندق عن صلاة العصر ، حتى صلاها بعد الغروب. وذلك ثابت في الصحيحين (٢) من غير وجه. ويحتمل أنه كان سائغا في ملتهم تأخير الصلاة لعذر الغزو ، والقتال. والخيل تراد للقتال ، وقد ادعى طائفة من العلماء أن هذا كان مشروعا فنسخ ذلك بصلاة الخوف ، ومنهم من ذهب إلى ذلك في حال المسايفة والمضايقة حتى لا تمكن صلاة ولا ركوع ولا سجود. كما فعل الصحابة رضي الله عنهم في فتح (تستر) وهو منقول عن مكحول والأوزاعيّ وغيرهما ، والأول أقرب. لأنه قال بعد (رُدُّوها عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَالْأَعْناقِ) قال
__________________
(١) أخرجه البخاري في : المناقب ، ٢٨ ـ باب حدثني محمد بن المثنى ، حديث رقم ١٣٦٨ ، عن أنس.
(٢) أخرجه البخاري في : المغازي ، ٢٩ ـ باب غزوة الخندق ، حديث رقم ١٤٠٠ ، عن علي.
وأخرجه مسلم في : المساجد ومواضع الصلاة ، حديث رقم ٢٠٢.