الآدميّ لأنه ضرب به المثل في تحريم الغيبة ، ولم يضرب بميتة سائر الحيوان. فدل على أنه في التحريم فوقها. ومن أراد استيفاء مباحث الغيبة فعليه (بالإحياء) للغزاليّ ، فإنه جمع فأوعى.
(وَاتَّقُوا اللهَ) أي خافوا عقوبته بانتهائكم عما نهاكم عنه من ظن السوء والتجسس عما ستر والاغتياب وغير ذلك من المناهي. (إِنَّ اللهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ) أي يقبل توبة التائبين إليه ، ويتكرم برحمته عن عقوبتهم بعد متابهم.
ثم نبه تعالى ، بعد نهيه عن الغيبة واحتقار الناس بعضهم لبعض ، على تساويهم في البشرية ، كما قال ابن كثير ، بقوله سبحانه :
القول في تأويل قوله تعالى :
(يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) (١٣)
(يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى) أي من آدم وحواء. أو من ماء ذكر من الرجال ، وماء أنثى من النساء. أي : من أب وأم ، فما منكم أحد إلا وهو يدلي بمثل ما يدلي به الآخر ، سواء بسواء ، فلا وجه للتفاخر والتفاضل في النسب.
(وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا) قال ابن جرير : وجعلناكم متناسبين ، فبعضكم يناسب بعضا نسبا بعيدا ، وبعضكم يناسب بعضا نسبا قريبا. ليعرف بعضكم بعضا في قرب القرابة منه وبعده ، لا لفضيلة لكم في ذلك ، وقربة تقربكم إلى الله ، بل كما قال تعالى : (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ) أي أشدكم اتقاء له وخشية بأداء فرائضه ، واجتناب معاصيه ، لا أعظمكم بيتا ، ولا أكثركم عشيرة.
(إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) أي بظواهركم وبواطنكم ، وبالأتقى والأكرم ، وغير ذلك ، لا تخفى عليه خافية.
تنبيهات :
الأول ـ حكى الثعالبيّ في (فقه اللغة) في تدريج القبيلة من الكثرة إلى القلة عن ابن الكلبيّ عن أبيه : أن الشّعب (بفتح الشين) أكبر من القبيلة ، ثم القبيلة ، ثم العمارة ، (بكسر العين) ثم البطن ، ثم الفخذ. وعن غيره : الشعب ، ثم القبيلة ، ثم الفصيلة ، ثم العشيرة ، ثم الذرية ، ثم العترة ، ثم الأسرة. انتهى.