وقال الشيخ ابن برّي : الصحيح في هذا ما رتبه الزبير بن بكار وهو : الشعب ، ثم القبيلة ، ثم العمارة ، ثم البطن ، ثم الفخذ ، ثم الفصيلة ، قال أبو أسامة : هذه الطبقات على ترتيب خلق الإنسان ، فالشعب أعظمها ، مشتق من شعب الرأس ، ثم القبيلة من قبيلة الرأس لاجتماعها ، ثم العمارة وهي الصدر ، ثم البطن ، ثم الفخذ ، ثم الفصيلة وهي الساق. وزاد بعضهم العشيرة فقال :
أقصد الشّعب فهو أكثر حيّ |
|
عددا في الحواء ثم القبيلة |
ثم يتلوهما العمارة ثم ال |
|
بطن والفخذ بعدها والفصيلة |
ثم من بعدها العشيرة لكن |
|
هي في جنب ما ذكرنا قليله |
فخزيمة شعب ، وكنانة قبيلة ، وقريش عمارة ، وقصيّ بطن ، وهاشم فخذ ، والعباس فصيلة. وسميت (الشعوب) لأن القبائل تشعبت منها. و (الشعوب) جمع شعب ، بفتح الشين.
قال أبو عبيد البكريّ في (شرح نوادر أبي علي القالي) : كل الناس حكى الشعب في القبيلة بالفتح ، وفي الجبل بالكسر ، إلا بندار فإنه رواه عن أبي عبيدة بالعكس. نقله الزبيديّ في (تاج العروس).
الثاني ـ في الآية الاعتناء بالأنساب ، وأنها شرعت للتعارف ، وذم التفاخر بها ، وأن التقيّ غير النسيب ، يقدم على النسيب غير التقيّ ، فيقدم الأورع في الإمامة على النسيب غيرهما.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن وهب قال : سألت مالكا عن نكاح الموالي العربية فقال : حلال ، ثم تلا هذه الآية ، فلم يشترط في الكفاءة الحرية ـ نقله في (الإكليل).
وقال ابن كثير : استدل بالآية ، من ذهب إلى أن الكفاءة في النكاح لا تشترط ، ولا يشترط سوى الدين.
الثالث ـ أفاد قوله تعالى : (لِتَعارَفُوا) حصر حكمة جعلهم شعوبا وقبائل فيه. أي إنما جعلناكم كذلك ليعرف بعضكم بعضا ، فتصلوا الأرحام ، وتبينوا الأنساب والتوارث ، لا للتفاخر بالآباء والقبائل.
قال الشهاب : الحصر مأخوذ من التخصيص بالذكر ، والسكوت في معرض البيان.