ملكت أيمانكم. ثم إن الله تعالى لما أرشد نبيّه إلى ما يتعلق بجانب التعظيم لله ، بقوله : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللهَ) [الأحزاب : ١] ، ذكر ما يتعلق بجانب الشفقة. وبدأ بالزوجات ، فإنهن أولى الناس بالشفقة ، ولذا قدمهن في النفقة. انتهى.
القول في تأويل قوله تعالى :
(وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِناتِ مِنْكُنَّ أَجْراً عَظِيماً (٢٩) يا نِساءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضاعَفْ لَهَا الْعَذابُ ضِعْفَيْنِ وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيراً) (٣٠)
(وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ) أي تردن رسوله. قال أبو السعود : وذكر الله عزوجل ، للإيذان بجلالة محله عليهالسلام ، عنده تعالى : (فَإِنَّ اللهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِناتِ مِنْكُنَّ أَجْراً عَظِيماً) أي لا يقدر قدره. ولما خيّرهن النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، واخترن الله ورسوله ، أدبهن الله وهددهن ، للتوقي عما يسوء النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، ويقبح بهن من الفاحشة. وأوعدهن بتضعيف العذاب بقوله تعالى : (يا نِساءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ) أي بيّن الشرع والعقل قبحها. إن قرئ بالفتح. أو مبيّنة قبحها بنفسها من غير تأمل ، إن قرئ بالكسر (يُضاعَفْ لَهَا الْعَذابُ ضِعْفَيْنِ) أي ضعفي عذاب غيرهن. قال القاضي : لأن الذنب منهن أقبح. فإن زيادة قبحه تتبع زيادة فضل المذنب والنعمة عليه ، ولذلك جعل حدّ الحرّ ضعفي حد العبد ، وعوتب الأنبياء بما لا يعاتب به غيرهم (وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيراً) لعموم قدرته.
القول في تأويل قوله تعالى :
(وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صالِحاً نُؤْتِها أَجْرَها مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنا لَها رِزْقاً كَرِيماً (٣١) يا نِساءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّساءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً (٣٢) وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهِلِيَّةِ الْأُولى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكاةَ وَأَطِعْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) (٣٣)
(وَمَنْ يَقْنُتْ) أي يدم مطيعا (مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ) أي في إتيان الواجبات وترك