المحرمات والمكروهات (وَتَعْمَلْ صالِحاً نُؤْتِها أَجْرَها مَرَّتَيْنِ) أي مرة على الطاعة والتقوى ، وأخرى على طلبهن رضا رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، بحسن الخلق وطيب المعاشرة والقناعة (وَأَعْتَدْنا لَها) أي زيادة على أجرها المضاعف في الجنة ، أو فيها وفي الدنيا (رِزْقاً كَرِيماً) أي حسنا مرضيّا (يا نِساءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّساءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ) أي عند مخاطبة الناس. أي فلا تجبن بقولكن لينا خنثا ، مثل كلام المريبات والمومسات (فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ) أي ريبة وفجور (وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً) أي بعيدا من طمع المريب بجدّ وخشونة ، من غير تخنيث. أو قولا حسنا مع كونه خشنا (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَ) أي اسكنّ ولا تخرجن منها. من (وقر يقر وقارا) إذا سكن. أو من (قرّ يقر من باب ضرب) حذفت الأولى من راءى (اقررن) ونقلت كسرتها إلى القاف ، فاستغنى عن همزة الوصل. ويؤيده قراءة نافع وعاصم بالفتح. من (قررت أقر) من باب علم. وهي لغة قليلة (وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهِلِيَّةِ الْأُولى) أي تبرج النساء أيام جاهلية الكفر الأولى. إذ لا دين يمنعهم ولا أدب يزعهم. والتبرج ، فسّر بالتبختر والتكسّر في المشي. وبإظهار الزينة وما يستدعى به شهوة الرجل. وبلبس رقيق الثياب التي لا تواري جسدها. وبإبداء محاسن الجيد والقلائد والقرط. وكل ذلك مما يشمله النهي ، لما فيه من المفسدة والتعرّض لكبيرة.
فائدة :
قيل (الْأُولى) بمعنى القديمة مطلقا من غير تقييد بزمن. فيستدل بذلك لمن قال : إن الأول لا يستلزم ثانيا.
قال في (الإكليل) : وهو الأصح عند العلماء. فلو قال : أول ولد تلدينه فأنت طالق ، لم يحتج إلى أن تلد ثانيا. انتهى.
وقال الزمخشري : الأولى هي القديمة التي يقال لها الجاهلية الجهلاء. من الزمن الذي ولد فيه إبراهيم ، أو ما قبله ، إلى زمن عيسى. والجاهلية ما بين عيسى ومحمد صلوات الله عليهما. ويجوز أن تكون الجاهلية الأولى جاهلية الكفر قبل الإسلام ، والجاهلية الأخرى جاهلية الفسوق والفجور في الإسلام. ويعضّده ما روي (١) أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال لأبي ذرّ ، لما عيّر رجلا بأمه وكانت أعجمية : إنك امرؤ فيك جاهلية. والمعنى نهيهن عن إحداث جاهلية في الإسلام ، تشبه جاهلية الكفر قبله (وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكاةَ وَأَطِعْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ) أي بموافقة أمرهما ونهيهما. ثم
__________________
(١) أخرجه البخاري في : الإيمان ، ٢٢ ـ باب المعاصي من أمر الجاهلية ، حديث رقم ٢٨.