وقال الواسطي في قوله : (تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ) قال : هو إظهار العبودية عند ملاحظة الصمدية.
وقال ابن عطاء : هو تحقيق التوحيد.
وقال أبو عثمان : في قوله (أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً) قال : أعلمك طريق التعبد في هذه الآية ، وهو ألا تطالع بسرك عند اشتغالك بالعبادة سوى معبودك ، ولا تفرغ في أمر من أمورك إلى غيره فتتخذ بذلك ربّا.
(ما كانَ إِبْراهِيمُ يَهُودِيًّا وَلا نَصْرانِيًّا وَلكِنْ كانَ حَنِيفاً مُسْلِماً) ما كان الخليل عليهالسلام متعلقا بالتشبيه مثل اليهود ، ولا بالثنوية مثل النصارى ، ولكن كان حنيفا مائلا عن الكون برؤية المكون ، مسلما منقادا عند جريان قضائه وقدره لإرادته.
وقال الأستاذ : الحنيف : المستقيم على الحق.
قوله تعالى : (إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ) أن أولى الناس بالخليل عليهالسلام للذين اتبعوه بشرط التجرد عن الكونين والعالمين ومنع النفوس عن حظوظ أشكال الملكوت ؛ لأن الخليل إذا بلغ مبلغ رجال القدس زاغ بصره عن عرائس الملكوت ، فقال : (إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (٧٨) إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) [الأنعام : ٧٨ ، ٧٩] وهذا النبي يعني محمد صلىاللهعليهوسلم أولى بمتابعة أبيه خليل الله ؛ لأنه زبدة مخاض محبته ، وخلاصة حقيقة فطرته ، (وَالَّذِينَ آمَنُوا) أي : أيقنوا وشاهدوا معاينات الآخرة ، ومنازل الأبرار السفرة ، والله ولي المؤمنين حافظهم عن آفات القهريات ، وأدخلهم في قباب العصمة والكرامات.
قال جعفر الصادق : الذين اتبعوه في شرائعهم ومناسكهم ، وهذا النبي لقرب حال إبراهيم من حال النبي صلىاللهعليهوسلم وشريعته من شريعته ، دون سائر الأنبياء وسائر الشرائع ، والذين آمنوا لقرب حالهم من حال إبراهيم (وَاللهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ) في تشريفهم إلى بلوغ مقام الخليل عليهالسلام إذ القرب منه في درجة المحبة بقوله : (يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ) [المائدة : ٥٤].
(وَلا تُؤْمِنُوا إِلاَّ لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ قُلْ إِنَّ الْهُدى هُدَى اللهِ أَنْ يُؤْتى أَحَدٌ مِثْلَ ما أُوتِيتُمْ أَوْ يُحاجُّوكُمْ عِنْدَ رَبِّكُمْ قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ (٧٣) يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (٧٤) وَمِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينارٍ لا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلاَّ ما دُمْتَ